أمهلنا أيها الحبيب
نريد أن نوثّق خوفنا من الله نريد أن ننتهى عما نهانا ونتدرب على كيف يكون الخوف من الجليل .
أمهلنا أيها الحبيب
نريد أن نعمل بتنزيل ربنا بقرآنه العظيم الذى نزل فيك , أمهلنا قليلا نعيد ختمه ونتشرب معانيه ونتزود بأخلاقه .
أمهلنا أيها الحبيب
نريد أن نتدرب فيك على أن نقنع بما يعطيه لنا ربنا ونعتقد أن ماأعطانا خالقنا ماهو إلا المكتوب لنا وأن أهل الأرض لو إجتمعوا على أن يضرونا بشيء فلن يكون إلا بالذى قد كتبه ربنا علينا ولو إجتمعوا على أن ينفعونا بشيء فلن يكون إلا بالذى أراده لنا .
أمهلنا أيها الحبيب ..
نريد أن أن نتدرب فيك على برنامج الإستعداد ليوم الرحيل من دنيا لاتساوى عند الله شيئا , حقيرة ذليلة , من أرادها أعطاه الله إياها ومن تزهّد فيها ورغب فيما عند الله أعطاه الله خيرى الدنيا والآخرة .
دعنا قليلا ..
نستعد لتلك اللحظة الفارقة فى حياتنا والتى من بعدها سيتحدد المصير إما الى جنة – جعلنا الله والمسلمين جميعا من روادها – أو إلى نار – أعاذنا الله وآبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأبنائنا والمسلمين منها - .
ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسرع بالرحيل ؟
فرُبّ كلمة بسيطة أو موعظة عابرة من إمام فى المسجد بعد الصلاة أو قبلها أو بينها – رُبّ هذه الموعظة تحقق لنا آمالا وتسعدنا سنيناً وتنجينا نجاة وتزحزحنا عن النار وتبعدنا.
فالخطباء والعلماء والوُعّاظ فيك يتحفونا برقائق , ويلهبوا مشاعرنا فى دقائق , ويأخذوا بأيدينا لنرى المصفوف من النمارق , ويصعدوا بنا إلى السماء فوق الخلائق , ويقربونا إلى الله الكريم الخالق .
دعهم قليلا ..
أيها الحبيب فمواعظهم فيك لها مذاق محسوس ملموس قد يختلف عن غيرك من الشهور..
فمجرد أن يصدح الواعظ بتوجيه أو يوجه بإرشاد أو يُرهّب من نار أو يُرغّب فى جنه , تجد آذانا صاغية ونفوسا كلها طواعيه , وكأن الطير قد وقعت على الرؤوس وتجد الجميع يسرح مع رب عظيم كريم قدوس .
ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسرع بالرحيل ؟
فالنافلة فيك بفرض والفرض فيك بسبعين .. أنجد خيرا مثل ذلك فى غيرك من الشهور ؟ بالطبع لا
إذن حنانَيك علينا صبرا قليلا ..
نريد زيادة الرصيد ليوم الحساب ليوم الوعيد .
نريد التمرّس فى هذه الروضة العجيبة من الحسنات المجيدة .. دعنا أمهلنا إنتظر قليلا .
نراك عزيزا فى الوصول عزيزا عند الإستضافة وكأنك تعمل بالحكمة التى تقول : زُر غُبا تزدد حبا .
أتريد أن نزداد لك حبا ؟
نحن والله نحبك ونعشقك ونحب لياليك وفجرك وظهرك وعصرك ومغربك وعشاؤك ..
لقد تيّمْتَنا فى حبك يارمضان .. ثم تفاجأنا هكذا بإنصرام أكثر من نصفك ... ألست أنت الذى قَدِمْتَ حالا ومن ساعات قليلة تُلقى علينا سلامك وتبهج أيامنا بعظيم مقامك وتسعد نفوسنا بجميل حنانك.
أمّا وإن كان ولابد من رحيلك :
فكن مطمئنا :
* فنسنظل لك مُحبون وبك مُتيّمون .
* سنظل بعهدنا معك على العدل والإنصاف حتى من أنفسنا .
* سنحاسب أنفسنا ونقومها ونهذبها ونربيها كى نعتقها من قيودها .
* سيظل المسلمون يارمضان أخوة متحابون فيما بينهم , لمثلك يستعدون ومن معينك الصافى يستمدون .
* عهدا سنكون لأمتنا أوفياء , بخلقها رحماء , لدعوتها نُصراء .
* عهدا سنكون فى غيرك كما كنا فيك .. ربانيون إن شاء الله لا رمضانيون .
* عهدا إن شاء الله سنحب الصلاة لنقيم بها الدين كما كنا فيك نحبها .
* عهدا سنعض بالنواجذ على النوافل لنزداد بها من الله قربا وشبرا وذراعا .
* عهدا سنعانق القرآن وسنأخذ منه البيان وسنحمله بأيدينا ومع سفرنا وإقامتنا سنجعله لنا
الرفيق وسنجتهد به فى التطبيق وسنُسعد به الدنيا ونخرجها بإذن الله من كل ضيق .
* عهدا سنُحب الوعّاظ والخطباء والمصلحين وسنجلس بين أيديهم كما كنا فيك لينيروا لنا دربنا ويساعدونا على إصلاح أنفسنا .. نستسقى منهم الدواء ونستعين بهم على الشفاء .. ولم لا فهم ورثة الأنبياء .
* عهدا سنكون لسوريا وبورما وفلسطين أوفياء , ولن نوقف ألستنا لهم عن الدعاء , ولن يكون لهم بإذن الله إلا كل جميل منا وعظيم عطاء .
* عهدا يارمضان سنجتهد أن يُشار لنا بالبنان كى نكون قمماً وأئمة فى كل ميدان .
* عهدا يارمضان .. لن نكون جاحدين لمن تفضلوا علينا بخير صَغُر أو كَبُر وسنحبهم ولن ننسى علينا فضلهم ولن ننكر لهم جميلهم .. ولن نكون كالمثل القائل : قططا تنكر فضل من أطعمها .
* عهدا ياحبيب .. سنجعل لربنا من دموعنا نصيبا , نسكبها له رغبة منا ألا تمسنا نيران ربنا .
سنبكى بكاءا نصحح به مسارنا , لارياء فيه ولا إصطناع بل خالصٌ كله لربنا .
* عهدا .. سنحيا بأخلاق نبيك فى غيرك من الشهور , نتواضع للناس , نكون ذوى إحساس , نتأدب فى الإختلاف , ويعذر بعضا بعضا عند أى خلاف , لن نصاحب إلا المؤمنين ,ولن يأكل طعامنا إلا المتقين , طائعين بذلك قدوتنا رحمة العالمين سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين عليه من الله صلاة وسلاما له وآله وصحبه اجمعين .
رمضان ... فى أمان الله :
* إن كنا نعاهدك لإحساسنا بقرب رحيلك .. فرجاء كُنْ لنا وفياً .
* لاتنسى صحبتنا هناك عند باب الريان فأنت والقرآن تشفعان .
* لاتنسى إمساك أيدينا فقد صمنا فيك وزُجنا زجا من بابك العظيم باب الريان .
* لاتنسى الشفاعة لنا عند ربك , ألا تركنا فيك الطعام والشراب , ألا هجرنا فيك الملذات والشهوات , ألا صبرنا فيك , ألا أحببناك , ألا رافقناك ؟ إذن إشفع لنا .