لابد للمسلمين أن يعلموا ما هو الولاء والبراء وأن يعملوا به، فكل نكبات الأمة بلا استثناء سببها الجهل به والبعد عنه، فنرى جماعات وأحزاب وكتائب تدّعي الإسلام وتدّعي أن هدفها الحكم بشرع الله ومع ذلك فهي توالي أعداء الله بل وتتعاون معه ضد المجاهدين وهذا من نواقض الإسلام ، ولهذا فقد آن الأوان لشباب الأمة أن يعرفوا دينهم على حقيقته على لا يُستغلوا بحسن نية لتدمير الإسلام وهم لا يعلمون ، بل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
وقد حث تعالى عباده المؤمنين على متابعة خليله إبراهيم والتأسي به وبمن آمن معه في معاداة أعداء الله تعالى والتبري منهم ومما يعبدون من دون الله تعالى ((( وإظهار ))) العداوة لهم والبغضاء ما داموا على الكفر بالله فقال الله تعالى :
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة:4].،
فما هو الولاء والبراء !
الولاء والبراء هو معنى كلمة التوحيد، وحقيقة كلمة التوحيد هو الولاء والبراء.
والولاء والبراء هو لا إله الإ الله محمد رسول الله، فكلمة التوحيد ولاء وبراء ،
قال - جل وعلا - في سورة الزخرف : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ {27} وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {28}.
فالكلمة التي بقيت في عقب إبراهيم هي كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" وتفسيرها قوله : { إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي }،
براءة من المعبودات ومن الشرك والكفر،،، وموالاة وولاء لله ولدينه وتوحيده.
الولاء والبراء معناه الحب والبغض الذي من فقده فقد الإسلام؛
فأن يبرأ من الشرك بمعنى أن يبغض الشرك،
وأن يوالي التوحيد بمعنى أن يحب التوحيد،
أن يبرأ مما يعبده المشركون من أوثان وغيرها كالديموقراطية بمعنى يبغض المعبودات كما قال هنا: { إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ } يعني مبغض للذي تعبدون، إلا الذي فطرني فإنني غير متبرأ منه، ولكن محب، إذاً محبة لله وبغض للألهة هي محبة للإسلام وبغض للشرك،
وهذا هو ضبط الولاء والبراء الذي تركه كفر، الولاء الواجب الذي هو من الإسلام والتوحيد بل هو الإسلام والتوحيد، هو المحبة؛ محبة الإسلام ومحبة الله، والبراء الذي هو قرينه؛ بغض الشرك وبغض معبودات المشركين،
هذا قدرٌ من لم يأت به فليس بمسلمٍ لأنه ناقض أصل الولاء والبراء
فإذاً معنى الولاء والبراء ، أن توالي الله تعالى فتوالي أولياءه ، وتتبرأ من أعداءه ، وتحب ما يحب ، وتبغض ما يبغض ، وقد صح في الحديث ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ) رواه أبو داود من حديث أبي أمامة رضي الله عنه .
ولذلك نجد أن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) تثبت ولاء وبراءً، نفيًا وإثباتًا، ولاء لله ودينه، وكتابه وسنة نبيه، وعباده الصالحين، وبراء من كل طاغوت عبد دون الله، قال تعالى:
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } [البقرة:256]،
ومن هنا قال العلماء: «أن الولاء والبراء - الولاء لله، والبراء من الكافرين - من لوازم لا إله إلا الله، حيث إنه لما كان أصل الموالاة الحب، وأصل المعاداة البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة كالنصرة والمعاونة، كان الولاء والبراء من لوازم لا إله إلا الله، والأدلة على ذلك كثيرة جداً، فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن موالاة أعدائه من اليهود والنصارى والمشركين في مواضع كثيرة من القرآن وأخبر أن موالاتهم تنافي الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر وأنها سبب للفتنة والفساد في الأرض وأن من والاهم ووادهم فليس من الله في شيء، وأنه من الظالمين الضالين عن سواء السبيل وأنه مستوجب لسخط الله وأليم عقابه في الآخرة
فالكفار هم أعداؤنا قديماً وحديثاً سواء كانوا كفاراً أصليين كاليهود والنصارى أو مرتدين ، قال تعالى : ((لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)) [آل عمران 28] .
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : "نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكفار وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال تعالى: ((ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)) أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فهو بريء من الله ، كما قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً..)) [النساء 144] ، وقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ)) (9) .
والآيات في النهي عن موالاة الكفار كثيرة .
منها : قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ } إلى قوله تعالى : { تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ. } الممتحنة : 1.
4