shaban الإدارة
عدد المساهمات : 17315 نقاط : 26579 تاريخ التسجيل : 20/11/2011 العمر : 45
| موضوع: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث - (علم مختلف الحديث ومشكله(2)) السبت 12 مايو 2012, 2:45 pm | |
| "أقسام مختلف الحديث":
والمختلف قسمان: أحدهما: يمكن الجمع بينهما أو بينها بوجه صحيح فيتعين الجمع ولا يصار إلى التعارض ولا النسخ، ويجب العمل بهما أو بها. ومن أمثلة ذلك في أحاديث الأحكام: حديث: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" 1, وحديث: "خلق الله الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه" 2. فإن الأول ظاهره طهارة القلتين تغير أم لا، والثاني: ظاهره طهارة غير المتغير سواء أكان قلتين أم قل، فخص عموم كل منهما بالآخر3. ومن أمثلة ذلك في غير الأحكام: حديث: "لا يوردن ممرض على مصح" , رواه البخاري ومسلم4, وحديث: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" , رواه البخاري5 مع حديث: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر" , رواه الشيخان6. وهي أحاديث صحيحة، بعضها يثبت العدوى وبعضها ينفيها. __________ 1 رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والدارقطني وابن حبان عن ابن عمر. 2 رواه ابن ماجه بنحو هذا اللفظ وفي إسناده رشدين وهو ضعيف. 3 التقريب بشرحه التدريب 378، 388. 4 البخاري, كتاب الطب, باب لا هامة؛ ومسلم, أبواب الطب, باب لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء, ولا غول، ولا يورد ممرض على مصح. 5 كتاب الطب, باب الجذام. 6 رواه البخاري, كتاب الطب, باب لا هامة؛ ومسلم المرجع السابق.
وقد سلك العلماء في التوفيق بين هذه الأحاديث مسالك1. أحدها: أن هذا الحديث: "لا عدوى ... " , جاء ردا لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض مؤثرة بنفسها، فبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولا بذاتها، لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه، وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب, وهذا المسلك هو الذي سلكه الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه "علوم الحديث" وقد تبعه على هذا التوفيق غيره، وقد سبقه إليه الإمام البيهقي2. وهذا المسلك هو أحسن المسالك وأولاها؛ لأنه لا ينفي العدوي أصالة، ولكنه ينفي أن تكون مؤثرة بذاتها، وهذا لا يتنافى هو وما وصل إليه الطب الحديث من كون العدوى أصبحت أمرا مسلما، وفي الوقت ذاته فيه تصحيح للعقيدة، وهو أن تأثير العدوى إنما هو بإرادة الله تبارك وتعالى، وإذا لم يرد الله تبارك وتعالى ذلك لم تحصل العدوى مع وجود الاختلاط بالمريض مرضا معديا وليس أدل على أن التأثير متوقف على إرادة الله تعالى من أن بعض الناس يختلطون بأهليهم المرضى اختلاطا يكاد يكون تاما ومع ذلك لا يتعدى إليهم المرض. ثانيها: أن نفي العدوى باق على عمومه، والأمر بالفرار من باب سد الذرائع لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية, فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة، وهذا هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر في شرح النخبة، ولذلك قال السيوطي3: __________ 1 العدوى: هي انتقال المرض من المريض إلى غيره. 2 فتح الباري ج10 ص161 ط السلفية. 3 تدريب الراوي ص388.
"وهذا المسلك هو الذي اختاره شيخ الإسلام" يعني بذلك الحافظ ابن حجر. ثالثها: أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى فيكون معنى قوله: "لا عدوى ... " , أي إلا من الجذام ونحوه، فكأنه قال: لا يعدي شيء شيئًا إلا فيما تقدم تبيين له أنه يعدي، قاله ناصر السنة وقامع البدعة القاضي أبو بكر الباقلاني. رابعها: أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر المجذوم؛ لأنه إذا رأى الصحيح تعظم مصيبته، وتزداد حسرته، ويؤيده حديث: "لا تديموا النظر إلى المجذومين"1, قال السيوطي في "التدريب" وفيه مسالك أخرى. أقول: وقد تكفل ببيان كل ما قيل في هذه المسالك الإمام الحافظ ابن حجر في "الفتح"2, فقد أفاض في ذلك بما لا مزيد عليه فليرجع إليه من شاء. الثاني من القسمين: أنه لا يمكن الجمع بين الحديثين ولا الأحاديث وهذا يدخل تحته نوعان: الأول: أن يعرف المتقدم من المتأخر, فإن كان كذلك كان المتأخر ناسخًا للمتقدم, وقد ذكرت بعض أمثلته في علم الناسخ والمنسوخ. الثاني: أن لا يعلم المتقدم من المتأخر فحينئذ نسلك مسلك الترجيح فنأخذ بالراجح وندع المرجوح. والترجيح يكون بصفات الرواة أي كون رواة أحدهما أتقن وأحفظ ونحو ذلك مما سيذكر، وكثرتهم في أحد الحديثين دون الآخر. __________ 1 قال الحافظ في "الفتح": وقد أخرجه ابن ماجه وسنده ضعيف. 2 فتح الباري ج10 من ص159-162.
وجوه الترجيح: وقد ذكر صاحب كتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" من وجوه الترجيحات خمسين وجها ووصل بها غيره إلى أكثر من مائة، كما استوفى ذلك العراقي في كتابه "التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من علوم ابن الصلاح" وقد يعبر بعض العلماء عنه "بالنكت على ابن الصلاح". "صنيع السيوطي" وقد بينها الإمام السيوطي في "تدريب الراوي" بيانا حسنا، وأرجعها إلى سبعة أقسام كل قسم يضم وجوها من الترجيحات. القسم الأول: الترجيح بحال الراوي وذلك بوجوه: أحدها: كثرة الرواة كما ذكره المصنف -يريد صاحب التقريب- وهو الإمام النووي، لأن احتمال الكذب والوهم على الأكثر أبعد من احتماله على الأقل. ثانيها: قلة الوسائط: أي علو الإسناد حيث الرجال ثقات؛ لأن احتمال الكذب والوهم فيه أقل. ثالثها: فقه الراوي سواء أكان الحديث مرويا بالمعنى أو اللفظ؛ لأن الفقيه إذا سمع ما يمتنع حمله على ظاهره عنه حتى يطلع على ما يزول به الإشكال بخلاف العامي. رابعها: علمه بالنحو، لأن العالم به يتمكن من التحفظ عن مواقع الزلل، ما لا يتمكن منه غيره. خامسها: علمه باللغة أقول: لأن العالم باللغة عالم بمواقع الخطاب والأساليب من غيره. سادسها: حفظه، بخلاف من يعتمد على كتابه.
سابعها: أفضليته في أحد الثلاثة بأن يكونا فقيهين، أو نحويين، أو حافظين وأحدهما في ذلك أفضل من الآخر. ثامنها: زيادة ضبطه، أي اعتنائه بالحديث واهتمامه به. تاسعها: شهرته؛ لأن الشهرة تمنع الإنسان من الكذب كما تمنعه من ذلك التقوى. عاشرها إلى العشرين: 10- كونه ورعا. 11- أو حسن الاعتقاد أي غير مبتدع. 12- وجليسا لأهل الحديث. 13- وغيرهم من العلماء. 14- أو أكثر مجالسة لهم. 15- أو ذكرا. 16- أو حرا. 17- أو مشهور النسب. 18- أو لا لبس في اسمه بحيث يشاركه فيه ضعيف، وصعب التمييز بينهما. 19- أو له اسم واحد وكذلك أكثر ولم يختلط. 20- أو له كتاب يرجع إليه. حادي عشريها: أن تثبت عدالته بالإخبار بخلاف من تثبت بالتزكية أو العمل بروايته أو الروية عنها إن قلنا بهما. ثاني عشريها إلى سابع عشريها: 22- أن يعمل بخبره من زكاه، ومعارضه لم يعمل به من زكاه. 23- أو يتفق على عدالته. 24- أو يذكر سبب تعديله. 25- أو يكثر مزكوه. 26- أو يكونوا علماء. 27- أو كثيري الفحص عن أحوال الناس. ثامن عشريها: أن يكون صاحب القصة كتقديم خبر أم مسلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أصبح جنبا -يعني في رمضان- على خبر الفضل بن العباس في منعه؛ لأنها أعلم منه به. تاسع عشريها: أن يباشر ما رواه. الثلاثون: تأخر إسلامه، وقيل عكسه لقوة أصالة المتقدم ومعرفته، وقيل: إن تأخر موته إلى إسلام المتأخر لم يرجح بالتأخير لاحتمال تأخر
روايته عنه، وإن تقدم أو علم أن أكثر رواياته متقدمة على رواية المتأخر رجح. الحادي والثلاثون إلى الأربعين: 31- كونه أحسن سياقا واستقصاء لحديثه، أو أقرب مكانا، أو أكثر ملازمة لشيخه. 32- أو سمع من مشايخ بلده. 33- أو مشافها مشاهدا لشيخه حال الأخذ. 34- أو لا يجيز الرواية بالمعنى. 35- أو الصحابي من أكابرهم. 36- أو علي رضي الله عنه وهو في الأقضية. 37- أو معاذ، وهو في الحلال والحرام. 38- أو زيد بن ثابت وهو في الفرائض. 39- أو الإسناد حجازي. 40- أو رواته من بلد لا يرضون التدليس.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
الوَسيط في عُلوم ومُصْطلح الحَديث
محمد بن محمد بن سويلم أبو شُهبة (المتوفى: 1403هـ) | |
|
محمد مشرف عام
عدد المساهمات : 2800 نقاط : 2930 تاريخ التسجيل : 21/11/2011
| موضوع: رد: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث - (علم مختلف الحديث ومشكله(2)) السبت 12 مايو 2012, 9:37 pm | |
| | |
|
shaban الإدارة
عدد المساهمات : 17315 نقاط : 26579 تاريخ التسجيل : 20/11/2011 العمر : 45
| موضوع: رد: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث - (علم مختلف الحديث ومشكله(2)) السبت 12 مايو 2012, 10:46 pm | |
| شكرا لمرورك الطيب محمد
وجزاك الله خير الجزاء | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث - (علم مختلف الحديث ومشكله(2)) الأحد 13 مايو 2012, 6:57 pm | |
| باااارك الله فيك وجزاك الله خيرااا
بوركت جهودك العظيمة
ننتظر المزيد مما هو مفيد
تحيااااتي |
|
shaban الإدارة
عدد المساهمات : 17315 نقاط : 26579 تاريخ التسجيل : 20/11/2011 العمر : 45
| موضوع: رد: الوسيط في علوم ومصطلح الحديث - (علم مختلف الحديث ومشكله(2)) الإثنين 14 مايو 2012, 9:47 pm | |
| شكرا لمرورك الطيب بسمة
وجزاك الله خير الجزاء | |
|