تقنين الإله تقنين تأديب وتربية وتقنين العباد تقنين عجز وضعف
دعاء النبي عليه الصلاة والسلام بعد صلاة الاستسقاء
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي – تاريخ10-12-2010م
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
أيها الأخوة الكرام، إنَّ المتفكِّرَ في خلق السماوات والأرض يتبدى له من خلال جولته التأمُّلية أنّ الله ثبَّت أشياء كثيرة، و ثبَّت نواميس وقوانين خطيرة، من أجل أن تنتظم حركة الحياة، أي الذهب ذهب، الحديد حديد، النحاس نحاس، زرعت زيتون الثمرة زيتون، خصائص الأشياء، والمعادن، والفواكه، والخضراوات، ثابتة كلها على مدى التاريخ، حركة الأفلاك ثابتة، الشروق شروق والغروب غروب، مثلاً تشرق الشمس بعد مئة عام بالدقيقة والثانية نفسها قبل مئة عام، أي ثبت دورة الأفلاك، ثبت خصائص الأشياء، ثبت خصائص المواد، فثبت أشياء كثيرة من أجل أن تنتظم حياتنا، من أجل أن يتحقق تسخير هذه الأشياء لنا، كي ننتفع بها في حياتنا، وكي ترشدنا إلى ربنا، فنعرفه، ونطيعه، ونسعد بقربه في الدنيا والآخرة، ولكن حرك أشياء قليلة منها الصحة، منها الرزق، منها الأمطار، ثبت مليارات القوانين، والخصائص، والأشياء، والأفلاك، وحرك أشياء معدودة منها الصحة، منها الرزق، لذلك إذا وجدنا تقنيناً إلهياً كالتقنين الآن في موضوع الأمطار فهذا تقنين تأديب وتربية لا تقنين عجز وضعف، نحن حينما نقنن الكهرباء لأن الطاقة المنتجة لا تغطي الاستهلاك، الإنسان إذا قنن يقنن تقنين عجز وضعف، لكن الخالق إذا قنن يقنن تقنين تأديب وتربية، الدليل قال تعالى:
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾
[سورة الشورى: 27]
تقنين تربية، تقنين تأديب، تقنين لفت نظر، والآية الثانية قال تعالى:
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾
[سورة الحجر: 21]
الحقيقة الأولى تقنين الإله تقنين تأديب وتربية، وتقنين العباد تقنين عجز وضعف.
الحقيقة الثانية، الله جلّ جلاله لا يسوق لعباده شِدَّة إلا بما كسبت أيديهم:
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾
[ سورة الشورى: 30 ]
والآية الثانية :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾
[ سورة النساء: 147 ]
لأن هذا الكون مسخر تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم، موقفك من التعريف أن تؤمن، وموقف من التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، أب عادي جداً، ابنه مهذب ونظيف، وجاء بجلائه فكانت علاماته تامة كلها، هل يضربه؟ مستحيل، لا يوجد أب بالأرض يفعل هذا، ما دام مجتهداً وأخلاقه عالية يكرمه، لذلك اعتقد يقيناً أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾
[ سورة الشورى: 30 ]
أيها الأخوة الكرام:
(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))
[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]
حديث قدسي آخر:
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ))
[ مسلم عن أبي ذر]
اذهب إلى ساحل البحر، واركب قارباً، وأنزل هذه الإبرة في البحر، كم علق فيها من ماء؟ ذلك لأن عطائي كلام، وأخذي كلام، كن فيكون، الشاهد هنا:
(( فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ))
[سلم عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه ]
لذلك روى ابن ماجة والبزار والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
مواطن من الشرق الوسط إذا كان شاذاً جنسياً وله شريك كندي، هذا الشريك الجنسي الشاذ الكندي يمنحه الجنسية الكندية، بلاد كثيرة عدت الشذوذ زواجاً مقبولاً في هذه المجتمعات:
((... لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
دولة عظمى سفيرها في رومانيا، أقيم له حفل وداع قبل أن يغادر بلده، حضر حفل الوداع شريكه الجنسي، مقام زوجته:
((... لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
مرض الإيدز لم يكن في أسلافنا، وأول سبب له الشذوذ، وهذا من أدلة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام:
((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
كل أنواع الغش تحت هذه العبارة:
((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
والله الذي لا إله إلا هو يصل أحياناً إلى معلوماتي المتواضعة أنواع من الغش لا تخطر على بال إنسان، توضع مواد مسرطنة في بعض الغذائيات من أجل أن يبيض لونها فيرتفع سعرها، هذا الذي يحصل، لذلك:
((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
والله مرة دراسة اطلعت عليها لو أن أصحاب الأموال في أي بلد إسلامي أعطوا زكاة أموالهم لم يكن هناك فقير واحد:
((...وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ... ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
كل حرب من حين لآخر ينتقل من بلادنا إلى الغرب مئات المليارات، ثمن أسلحة وأشياء لا يعلمها إلا الله:
((...وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))
[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]
كم حرب بين المسلمين؟ مسلم لمسلم، لذلك قالوا: الحرب بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، وبين باطلين لا تنتهي.
لذلك أيها الأخوة الكرام، هذه مقدمة لكن من النعم العظمى على بني البشر نعمة الماء العذب، وهناك من يتنبه ويقول: إن الحروب المستقبلية حروب ماء، فالماء العذب أفضل شراب، أعظم صدقة، رحمة الله لخلقه، وحيثما وجد الماء وجدت الحياة، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
[سورة الأنبياء: 30]
إنَّ الحياةَ على وجهِ الأرضِ، حياةَ الإنسانِ، وحياةَ الحيوانِ، وحياةَ النباتِ، قوامُها الماءُ، فالماءُ هو الوسيطُ الوحيدُ الذي يحملُ الأملاحَ، و المعادن، والمواد الغذائية منحلة فيه إلى الكائنِ الحيِّ، ولولا الماءُ لَمَا كانت حياةٌ على وجهِ الأرضِ.
لذلك يتفضل الله به علينا، فيهطل.
الآن دققوا، يهطل في كلّ ثانيةٍ مِن السماءِ إلى الأرضِ على مستوَى الكرةِ الأرضيةِ ستة عشر مليونَ طن مِن الماءِ، هذا التهطال لا يزيد ولا ينقص كل عام، بعد بحث طويل ودرس عميق تبين للعلماء أن كمية الأمطار التي تهطل على وجه الأرض لا تزيد ولا تنقص، أما أن يأتي إنسان عاش في الصحراء لا يوجد جامعات، ولا مدارس، ولا أجهزة قياس للماء، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( مَا عَامٌ بِأَمْطَرَ مِن عَامٍ ))
[البيهقي في السنن الكبرى عن ابن مسعود]
هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، لكن توزيع هذه الأمطار يختلف من عام إلى عام، فيكون الجفاف في مكان، كالشرق الأوسط الآن، والفيضانات المدمرة كما في الباكستان، في مكان آخر، لحكمة أرادها الله علمها من علمها، وجهلها من جهلها.
وقد تنقطع أسباب الرزق بانقطاع الأمطار، والله مرة سمعنا خطاباً من فقرات هذه الخطاب أن أمطاراً غزيرة هطلت على بلادنا في سنة سابقة فقيل لنا: هذه الأمطار تساوي بالنقد مئات المليارات، كنا نريد أن نشتري علفاً للحيوانات بهذه الأمطار وفرنا هذه النفقات، لا تستغرب أن كل مطر غزيرة تساوي مئات مليارات الدولارات، قد تنقطع أسباب الرزق بانقطاع الأمطار، فتغور الينابيع، وتجف الأنهار، وييبس الزرع، ويموت الضرع، ويهدد الإنسان بافتقاد كأس الماء، ولقمة العيش، لذلك المؤمن يقتصد في استهلاك المياه، و هذا علامة الإيمان، لذلك الإنسان أحياناً يجد نفسه مضطراً أن يغادر بلده إلى بلد آخر تتوافر فيه المياه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا صلاة الاستسقاء، طَلَباً لِلرَّحْمَةِ وَالْإِغَاثَةِ بِإِنْزَالِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ. أي في أثناء سماعك للأخبار إذا ورد في الأخبار أن هناك منخفضاً جوياً متمركزاً فوق قبرص باتجاه الشرق الأوسط يجب أن تعلم أنه رحمة الله، كلمة منخفض جوي تبعدك عن حقيقة هذه الأمطار، الأمطار رحمة من الله عز وجل.
لذلك صلاة الاستسقاء ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾
[ سورة نوح: الآية 10-12]
(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ، وَاحْمَرَّتْ الشَّجَرُ، وَهَلَكَتْ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا، مَرَّتَيْنِ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ، وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ صَاحُوا إِلَيْهِ، تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، فَكَشَطَتْ الْمَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تَمْطُرُ حَوْلَهَا، وَلَا تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةٌ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ))
[ البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ]
حولها أمطار وسيول والمدينة جافة، وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
(( شَكَا النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ , فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى...))
أي أصل صلاة الاستسقاء أن تكون خارج المساجد في المصلى:
(( ... وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ , قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ , متواضعاً، متبذلاً، متخشعاً، مترسلاً، متضرعاً فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ , وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ , وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوَهُ , وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ، وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ من السماء، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْت لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إلَى حِينٍ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إبِطَيْهِ , ثُمَّ حَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ, وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ، وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتْ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إلَى الْكُنِّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ, وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ))
[أبو داود عن عائشة ]
يتبــــــــــــــــــــــــــــــع