منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر




أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Empty
مُساهمةموضوع: أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))   أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالثلاثاء 04 سبتمبر 2012, 11:16 pm

اعلم أنّ الاستعارة في الحقيقة هي هذا الضرب دون الأول، وهي أمَدُّ ميداناً، وأشدُّ افتناناً، وأكثر جرياناً، وأعجب حسناً وإحساناً، وأوسعُ سعَةً وأبعد غَوْراً، وأذهبُ نَجْداً في الصِّناعة وغَوْراً، من أن تُجمعَ شُعَبها وشُعُوبها، وتُحصَر فنونها وضروبها، نعم، وأسحَرُ سِحْراً، وأملأ بكل ما يملأ صَدْراً، ويُمتع عقلاً، ويُؤْنِس نفساً، ويوفر أُنْساً، وأهدَى إلى أن تُهدِي إليك أبداً عَذَارَى قد تُخُيِّرَ لها الجمال، وعُنِيَ بها الكمال وأن تُخرج لك من بَحْرها جواهرَ إن باهَتْها الجواهرُ مَدَّت في الشرف والفضيلة باعاً لا يقصرُ، وأبدت من الأوصاف الجليلة محاسنَ لا تُنكَر، وردَّت تلك بصُفرة الخجل، ووَكَلتها إلى نِسْبتها من الحَجَر وأن تُثير من مَعْدِنها تِبْراً لم ترَ مثلَه، ثم تصوغ فيها صياغاتٍ تُعطّل الحُلِيَّ، وتُريك الحَلْيَ الحقيقي وأن تأتيك على الجُملة بعقائل يأْنس إليها الدين والدنيا، وفضائل لها من الشرف الرُّتْبة العليا، وهي أجلُّ من أن تأتيَ الصفةُ على حقيقة حالها، وتستوفيَ جملةَ جمالها، ومن الفضيلة الجامعة فيها أنها تُبرز هذا البيان أبداً في صورة مُستجَدَّةٍ تزيد قَدرَه نُبْلاً، وتوجب له بعد الفضلِ فضلاً، وإنَّكَ لَتِجِدُ اللفظة الواحدة قد اكتسبتَ بها فوائد حتى تراها مكرّرة في مواضعَ، ولها في كل واحد من تلك المواضع شأنٌ مفردٌ، وشرفٌ منفردٌ، وفضيلةٌ مرموقة، وخِلاَبةٌ موموقة، ومن خصائصها التي تُذكرَ بها، وهي عنوان مناقبها، أنَّها تُعطيك الكثير من المعاني باليسير من اللفظ، حتى تُخرجَ من الصدَفة الواحدة عِدّةً من الدُّرَر، وتَجْنِيَ من الغُصْن الواحد أنواعاً من الثَّمر، وإذا تأمَّلتَ أقسام الصَّنعة التي بها يكون الكلام في حَدَّ البلاغة، ومعها يستحِق وصفَ البراعة، وجدتَها تفتقر إلى أن تُعيرها حُلاها، وتَقصُرُ عن أن تُنازعها مداها وصادفتها نجوماً هي بدرها، ورَوضاً هي زَهْرها، وعرائسَ ما لم تُعِرْها حَلْيها فهي عواطل، وكواعبَ ما لم تُحَسِّنها فليس لها في الحسن حظٌّ كامل، فإنك لترى بها الجمادَ حيّاً ناطقاً، والأعجمَ فصيحاً، والأجسامَ الخُرسَ مُبينةً، والمعاني الخفيّةَ باديةً جليّةً، وإذا نظرتَ في أمر المقاييس وجدتَها ولا ناصر لها أعزُّ منها، ولا رَوْنَق لها ما لم تَزِنْها، وتجدُ التشبيهات على الجملة غير مُعْجِبَةٍ ما لم تكُنْها، إن شئت أرتك المعانيَ اللطيفةَ التي هي من خبايا العقل، كأنها قد جُسِّمت حتى رأتها العيون، وإن شئتَ لطَّفتِ الأوصاف الجسمانية حتى تعود رُوحانية لا تنالها إلاّ الظنون، وهذه إشارات وتلويحات في بدائعها، وإنما ينجلي الغرض منها ويَبين، إذا تُكُلِّم على هذه التفاصيل، وأُفرِدَ كُلُّ فن بالتمثيل، وسترى ذلك إن شاء اللّه، وإليه الرغبة في أن تُوفَّق للبلوغ إليه والتُوَفُّر عليه، وإذ قد عرَّفتكُ أن لها هذا المجال الفسيحَ، والشَّأوَ البعيد، فإني أضَعُ لك فصلاً، بعد فَصلٍ، وأجتهد بقدر الطاقة في الكَشف والبحث.

فصل

وهذا فصلٌ قسَّمْتُها فيه قسمة عامية ومعنى العامية، أنك لا تجد في هذه الاستعارة قسمةً إلا أخصَّ من هذه القسمة، وأنها قسيمةُ الاستعارة من حيث المعقول المتعارف في طبقات الناس وأصناف اللغات، وما تجدُ وتسمعُ أبداً نظيرَه من عوامِّ الناس كما تسمع من خواصهم،

اعلم أن كل لفظة دخلتها الاستعارة المفيدة، فإنها لا تخلو من أن تكونَ اسماً أو فعلاً، فإذا كانت اسماً فإنه يقع مستعاراً على قسمين "أحدهما" أن تنقلَه عن مسمَّاه الأصلي إلى شيء آخر ثابتٍ معلومٍ فتُجريَه عليه، وتجعلَه متناولاً له تناوُلَ الصفةِ مثلاً للموصوف، وذلك قولك رأيت أسداً وأنت تعني رجلاً شجاعا و عَنَّت لنا ظَبية وأنت تعني امرأة و أبديتُ نوراً وأنت تعني هُدًى وبياناً وحُجّةً وما شاكل ذلك، فالاسم في هذا كله كما تراه متناولٌ شيئاً معلوماً يمكن أن يُنصَّ عليه فيقالَ: إنه عُنِيَ بالاسم وكُنِيَ به عنه ونُقل عن مسمَّاه الأصلي فجُعل اسماً له على سبيل الإعارة والمبالغة في التشبيه، والثاني: أن يؤخذ الاسم على حقيقته، ويُوضَع موضعاً لا يبينُ فيه شيء يشارُ إليه فيقالَ: هذا هو المراد بالاسم والذي استعير له، وجُعل خليفةً لاسمه الأصلي ونائباً مَنَابه، ومثالهُ قول لبيد:

وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها


وذلك أنه جعل للشمال يداً، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجْرَى اليد عليه، كإجراء الأسد و السيف على الرجل في قولك انْبَرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ و سللتُ سيفاً على العدوّ لا يُفَلُّ، و الظباء على النساء في قوله "الظباء الغِيدِ" و النور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نوراً ساطعاً وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنساناً له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتاً يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يداً كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيداً، وجعل زيداً أسداً، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفاً كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زماماً، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يداً، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة، ويفصل بين القسمين أنك إذا رجعت في القسم الأول إلى التشبيه الذي هو المغزَى من كل استعارة تُفيد، وجدتَه يأتيك عفواً، كقولك في رأيت أسداً رأيت رجلاً كالأسد أو رأيت مثل الأسد أو شبيهاً بالأسد وإن رُمْتَهُ في القسم الثاني وجدته لا يؤاتيك تلك المؤاتاة، إذ لا وجه لأن تقول: إذا أصبح شيء مثل اليد للشمال أو حصل شبيه باليد للشَّمال، وإنما يتراءى لك التشبيه بعد أن تَخْرِق إليه ستراً، وتُعمل تأمّلاً وفكرْاً، وبعد أن تُغيِّر الطريقةَ، وتخرج على الحذْوِ الأول، كقولك: إذ أصبحت الشَّمال ولها في قوة تأثيرها في الغداة شَبَهُ المالكِ تصريف الشيء بيده، وإجراءَه على موافقته، وجَذْبَه نحو الجهة التي تقتضيها طبيعته، وتنحوها إرادته، فأنت كما ترى تجدُ الشَّبه المنتَزع ها هنا إذا رجعتَ إلى الحقيقة، ووضعت الاسم المستعارَ في موضعه الأصلي لا يلقاكَ من المستعار نَفْسه، بل مما يضاف إليه، ألا ترى أنك لم تُرِدْ أن تجعلَ الشَّمال كاليد ومشبهةً باليد، كما جعلت الرجلَ كالأسد ومشبَّهاً بالأسد، ولكنك أردت أن تجعل الشمال كذي اليد من الأحياء، فأنت تجعل في هذا الضرب المستعارَ له وهو نحو الشمال ذا شيءٍ، وغرضُك أن تُثبت له حكم من يكون له ذلك الشيء في فعل أو غيره، لا نفسَ ذلك الشيء فاعرفه. وهكذا قول زهير: "وَعُرّيَ أفْراسُ الصّبا ورَوَاحِلُه"

لا تستطيع أن تُثبت ذواتاً أو شِبهَ الذوات تتناولُها الأفراسُ والرَّواحل في البيت، على حدّ تناوُل الأسدِ الرجلَ الموصوفَ بالشجاعة، والبدرِ الموصوفَ بالحسن أو البهاء، والسحاب المذكورَ بالسخاء والسماحة، والنورِ العلمَ، والهُدَى والبيان، وليس إلاّ أنك أردت أن الصِّبا قد تُرك وأهمل، وفُقِد نِزاعُ النفس إليه وبَطَل، فصار كالأمر يُنْصَرفُ عنه فتُعطَّل آلاته، وتُطرح أداته كالجهة من جهات المسير نحو الحج أو الغزو أو التجارة يُقضى منها الوطَرُ، فتُحَطُّ عن الخيل التي كانت تُركب إليها لبُودُها، وتُلقَى عن الإبل التي كانت تُحمَّل لها قتودُها، وقد يجيء وإن كان كالتكلّف أن تقول إن الأفراس عبارة عن دواعي النفوس وشهواتها، وقواها في لذَّاتها، أو الأسبَابِ التي تَفْتِل في حَبْل الصِبا، وتنصر جانبَ الهوى، وتُلهِب أريحيّة النشاط، وتُحرّك مَرَح الشَّباب، كما قال "ونعم مَطيّةُ الجهلِ الشبابُ" وقال "كان الشبابُ مَطِيّةَ الجَهْل" وليس من حقّك أن تتكلّف هذا في كل موضع، فإنه ربّما خرجَ بك إلى ما يضُرُّ المعنى وينْبو عنه طَبْعُ الشعر، وقد يتعاطاه من يخالطه شيء من طباع التعمُّق، فتجدُ ما يُفسد أكثر مما يُصلح، ولو أنك تطلبت للمطية في بيت الفرزدق:

لَعَمْرِي لئن قَيّدْتُ نفسي لطـالـمـا سَعَيْتُ وأوضعتُ المَطّيةَ في الجهلِ

مِثْلَ هذا التأوّل، تباعدتَ عن الصواب، وعدلت عما يسبق إلى القلب، وذلك أن المعنى على قولك: لطالما سعيتُ في الباطل، وقديماً كنت في الإسراع إلى الجهل بصُورة من يُوضع المطيّة في سفره، وسِرُّ هذا الموضع يتجلَّى تمامَ التجلِّي إذا تُكُلِّم على الفَرْق بين التشبيه والتمثيل، وسيأتيك ذلك إن شاء اللّه تعالى، وكذا قولهم: هو مُرْخَى العِنان، ومُلْقَى الزِّمام، لا وجهَ لأن تروم شيئاً تُجري العِنان عليه ويتناوله، بل المعنى على انتزاع الشبه من الفرس في حال ما يُرْخَى عِنانُه، وأن يُنظَر إلى الصورة التي تُوجَد من حاله تلك في العقل، ثم يُجاء بها فيُعَارُها الرجُل، ويُتصوَّر بمقتضاها في النفس ويُتمثّل، ولو قلت: إن العنان ها هنا بمعنى النهي، وأن المراد أن النهي قد أُبعد عنه ونحو ذلك، دخلت في ظاهرٍ من التكلُّف، وأتعبت نفسك في غير جدوَى، وعادت زيادتك نقصاناً، وطَلبُك الإحسانَ إساءة. واعلم أن إغفال هذا الأصل الذي عرّفتك من أن الاستعارة تكون على هذا الوجه الثاني كما تكون على الأوّل مما يعدو إلى مثل هذا التعمّق، فإنه نفسَهُ قد يصير سبباً إلى أن يقع قوم في التشبيه، وذلك أنهم إذا وضعوا في أنفسهم أن كل اسم يستعار فلا بد من أن يكون هناك شيء يمكن الإشارة إليه يتناوله في حال المجاز، كا يتناول مسمّاه في حال الحقيقة، ثم نظروا في نحو قوله تعالى: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" "طه:93" و"وأصْنَع الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا" "هود:73"، فلما لم يجدوا للفظة العين ما يتناوله على حدًّ تناول النُّور مثلاً للهدى والبيان ارتبكوا في الشكّ وحاموا حول الظاهر، وحملوا أنفسهم على لزومه، حتى يُفضي بهم إلى الضلال البعيد، وارتكاب ما يقدح في التوحيد، ونعوذ باللّه من الخذلان. وطريقة أخرى، في بيان الفرق بين القسمين، وهو أن الشبَهَ في القسم الأول الذي هو نحو رأيت أسداً - تريد رجلاً شجاعاً - وَصفٌ موجودٌ في الشيء الذي استعرت اسمه وهو الأسد، وأما قولك إذا أصبحت بيد الشمال زمامها فالشبه الذي له استعرتَ اليد، ليس بوصفٍ في اليد، ولكنه صفته تُكسبها اليدُ صاحبَها، وتَحصُلُ له بها، وهي التصرف على وجه مخصوص وكذا قولك أفراس الصِّبا، ليس الشبه الذي له استعرت الأفراس موجوداً في الأفراس، بل هو شبه يحصل لما يضاف إليه الأفراس، حيث يراد الحقيقة نحو قولنا "عُرّي أفراس الغزو، و أجِمَّت خيل الجهاد"، وذلك ما يوجبه الفعل الواقع على الأفراس، نحو أنّ وقوع الفعل الذي هو عُرّيَ على أفراس الغزو، يوجب الإمساك عن الغزو والترك له وعلى هذا القياس. وإذ قد تقرر أمر الاسم في كون استعارته على هذين القسمين، فمن حقّنا أن ننظر في الفعل هل يحتمل هذا الانقسام، والذي يجب العملُ عليه أن الفعل لا يُتصوَّر فيه أن يتناول ذات شيء، كما يتصور في الاسم، ولكن شأن الفعل أن يُثبت المعنى الذي اشتُقَّ منه للشيء في الزمان الذي تدل صيغته عليه، فإذا قلت: ضرَبَ زيدٌ، أثبتَّ الضرب لزيد في زمان ماضٍ، وإذا كان كذلك، فإذا استعير الفعل لما ليس له في الأصل، فإنه يُثبتُ باستعارته له وصفاً هو شبيه بالمعنى الذي ذلك الفعل مشتق منه. بيان ذلك أن تقول: نطقَت الحال بكذا، و أخبرتني أساريرُ وجهه بما في ضميره، وكلّمتني عيناه بما يحوي قلبه، فتجد الحال وصفاً هو شبيه بالنطق من الإنسان، وذلك أن الحال تدلّ على الأمر ويكون فيها أَمَاراتٌ يعرف بها الشيء، كما أن النطق كذلك، وكذلك العين فيها وصف شبيه بالكلام، وهو دلالتها بالعلامات التي تظهرُ فيها وفي نظرها وخواصّ أوصافٍ يُحْدَس بها على ما في القلوب من الإنكار والقبول، ألا ترى إلى حديث الجمحي? حُكِي عن بعضهم أنه قال: أتيتُ الجمحي أستشيره في امرأة أردت التزوج بها فقال: أقصيرة هي أم غير قصيرة? قال: فلم أفهم ذلك، فقال لي: كأنك لم تفهم ما قلتُ، إنّي لأعرف في عين الرَّجل إذا عرف، وأعرفُ فيها إذا أنكر، وأعرفُ إذا لم يعرف ولم ينكر، أمَّا إذا عرف، فإنها تخَاوَصُ، وإذا لم يعرف ولم ينكر فإنها تَسْجُو، وإذا أنكر فإنها تجحظُ، أردت بقولي قصيرة، أي هي قصيرة النسب تُعَرف بأبيها أو جَدّها. قال الشيخ أبو الحسن: وهذا من قول النسّابة البكري لرؤبة بن العجاج لما أتاه فقال له من أنت? قال رؤبة بن العجاج فقال قَصُرتَ وعُرِفتَ. قال: وعلى هذا المعنى قول رؤبة:ؤبة:

قد رَفَعَ العجَّاج ذكري فادعُنِي باسْمٍ إذا الأنساب طالت يَكْفِنِي

وأمر العين أظهر من أن تحتاج فيه إلى دليل، ولكن إذا جرى الشيء في الكلام هو دعوى في الجملة، كان الآنس للقارئ أن يقترن به ما هو شاهد فيه، فلم يُرَ شيءٌ أحسنَ من إيصال دعوى ببرهان. وإذا كان أمرُ الفعل في الاستعارة على هذه الجملة، رجَع بنا التحقيق إلى أنّ وصف الفعل بأنه مستعارٌ، حكمٌ يرجع إلى مَصْدره الذي اشتُقّ منه، فإذا قلنا في قولهم: نطقت الحال، أن نَطَقَ مستعار، فالحكم بمعنى أن النُّطق مستعار، وإذا كانت الاستعارة تنصرف إلى المصدر كان الكلام فيه على ما مضى، ومما تجب مراعاته أن الفعل يكون استعارة مرّةً من جهة فاعله الذي رُفع به، ومثاله ما مضى ويكون أُخرى استعارةً من جهة مفعوله، وذلك نحو قول ابن المعتزّ:

جُمعَ الحقُّ لنا فـي إمـامٍ قَتَلَ البُخْلَ وأحيى السَّمَاحَا

فَقَتَلَ و أحيى إنّما صارَا مستعارينَ بأن عُدّيا إلى البخل والسماح، ولو قال: قتل الأعداء وأحيى، لم يكن قَتَلَ استعارةً بوجه، ولم يكن أحيى استعارة على هذا الوجه وكذا قوله:

وأَقْرِي الهمومَ الطارقاتِ حَزامةً

هو استعارة من جهة المفعولين جميعاً، فأما من جهة الفاعل فهو محتمل للحقيقة، وذلك أن تقول: أقري الأضياف النازلين اللحمَ العبيطَ ومثله قوله: "قَرَى الهمَّ إذْ ضافَ الزَّماعَ" وقد يكون الذي يعطيه حكمَ الاستعارة أحدُ المفعولين دون الآخر كقوله:

نقريهمُ لَهْذَمِيَّاتٍ نَقُـدُّ بـهـا مَا كَانَ خَاطَ عليهم كُلُّ زَرَّادِ

فصل

اعلم أن الاستعارة كما علمت تعتمد التشبيهَ أبداً، وقد قلت: إنّ طُرُقه تختلف، ووعدتُك الكلام فيه، وهذا الفصل يعطي بعضَ القول في ذلك بإذن اللّه تعالى، وأنا أريد أن أُدرِّجها من الضَّعف إلى القوة، وأبدأ في تنزيلها بالأدنى، ثم بما يزيد في الارتفاع، لأن التقسيم إذا أُريغَ في خارج من الأصل، فالواجب أن يُبدَأ بما كان أقلَّ خروجاً منه، وأدنى مدًى في مفارقته، وإذا كان الأمر كذلك، فالذي يستحِقُّ بحكم هذه الجملة أن يكون أوّلاً من ضروب الاستعارة، أن يُرَى معنى الكلمة المستعارة موجوداً في المستعار له من حيث عموم جنسه على الحقيقة، إلا أنّ لذلك الجنس خصائص ومراتبَ في الفضيلة والنقص والقوّة والضعف، فأنت تستعير لفظ الأفضل لما هو دونه، ومثاله استعارةُ الطيران لغير ذي الجناح، إذا أردت السرعة، و انقضاض الكواكب للفرس إذا أسرع في حركته من علوّ، و السباحة له إذا عدَا عدواً كان حاله فيه شبيهاً بحالة السابح في الماء، ومعلومٌ أن الطيران والانقضاضَ والسباحةَ والعدوَ كلها جنس واحد من حيث الحركة على الإطلاق، إلا أنهم نظروا إلى خصائص الأجسام في حركتها، فأفردوا حركةَ كل نوع منها باسم، ثم إنهم إذا وجدوا في الشيء في بعض الأحوال شبهاً من حركةِ غير جنسه، استعاروا له العبارة من ذلك الجنس، فقالوا في غير ذي الجناح طار كقوله:

وطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ

وكما جاء في الخبر: كُلّما سمع هَيْعَةً طار إليها، وكما قال:

لَوْ يَشَا طَارَ بـهِ ذُو مَـيْعةٍ لاَحِقُ الآطال نَهْدٌ ذو خُصَلْ

ومن ذلك أن فاض موضوع لحركة الماء على وجه مخصوص، وذلك أن يفارق مكانهُ دَفْعَةً فينبسط، ثم إنه استعير للفجر، كقوله:

كالفَجْرِ فَاضَ على نُجُوم الغَيْهبِ

لأن للفجر انبساطاً وحالةً شبيهة بانبساط الماء وحركته في فَيْضِهِ، فأما استعارة فاض بمعنى الجُود، فنوع آخر غير ما هو المقصود ها هنا، لأن ألقصد الآن إلى المستعار الذي تُوجد حقيقة معناه من حيث الجنس في المستعار له، وكذلك قول أبي تمام:

وقَدَ نَثَرَتْهُمْ رَوْعَةٌ ثُمّ أَحْدَقُواْبِهِ مِثْلَمَا أَلَّفَتْ عِقْدَاً مُنْظَّمَا

وقول المتنبي:

نَثَرَتْهُمْ فَـوقَ الأُحْـيَدِبِ نَـثْـرَةً كما نُثِرَتْ فوق العَرُوسِ الدَّراهِمُ


استعارة، لأن النثر في الأصل للأجسام الصغار، كالدراهم والدنانير والجواهر والحبوب ونحوها، لأن لها هيئةً مخصوصةً في التفرق لا تَأْتِي في الأجسام الكبار، ولأن القصد بالنثر أن تُجمَعُ أشياء في كفّ أو وِعاء، ثم يقع فعلٌ تتفرّق معه دَفْعَةً واحدةً، والأجسام الكبار لا يكون فيها ذلك، لكنه لمّا اتَّفق في الحرب تساقُطُ المنهزمين على غيرترتيب ونظام، كما يكون في الشيء المنثور، عبَّر عنه بالنثر، ونسب ذلك الفعل إلى الممدوح، إذْ كان هو سبب ذلك الانتثار، فالتفرُّق الذي هو حقيقة النثر من حيث جنس المعنى وعمومِه، موجودُ في المستعار له بلا شبهة، ويبيّنه أن النَّظم في الأصل لجمع الجواهر وما كان مثلها في السلوك، ثم لمّا حصل في الشَّخْصَين من الرجال أن يجمعهما الحاذِق المبدعُ في الطعن في رُمْحٍ واحد ذلك الضربَ من الجمع، عبَّر عنه بالنَّظم، كقولهم: انتظمها برمحه، وكقوله:

قالوا وينظمُ فَارِسَيْن بطَعْنَةٍ

وكان ذلك استعارةً، لأن اللفظة وقعت في الأصل لما يُجْمع في السُّلوك من الحبوب والأجسام الصغار، إذ كانت تلك الهيئة في الجمع تَخُصُّها في الغالب، وكان حصولها في أشخاص الرجال من النادر الذي لا يكاد يقع، وإلا فلو فرضنا أن يكثرَ وجودُه في الأشخاص الكبيرة، لكان لفظ النظم أصلاً وحقيقة فيها، كما يكون حقيقةً في نحو الحبوب، وهذا النحو لشدة الشَّبه فيه، يكاد يلحقُ بالحَقيقة، ومن هذا الحدِّ قوله:

وفي يَدِكَ السَّيْف الَّذِي امتنعَتْ به صَفَاةُ الهُدَى من أَنْ تَرِقَّ فتُخْرَقَا

وذلك أن أصل الخَرْق أن يكون في الثوب، وهو في الصفاة استعارة، لأنه لمّا قال تَرِقَّ، قربت حالها من حالِ الثوب، وعلى ذلك فإنَّا نعلم أن الشق والصدع حقيقة في الصَّفاة، ونعلم أن الخرق يجامعهما في الجنس، لأن الكلَّ تفريقٌ وقطعٌ، ولو لم يكن الخرق والشق واحداً، لما قلت: شققتُ الثوبَ، والشَّق عيبٌ في الثوب، و تَشَقََّقَ الثوبُ قول من لا يستعير، ولكن لو قلتَ "خرق الحِشمة"، لم يكن من الحقيقة في شيء، وكان خارجاً من هذا الفن الذي نحن فيه، لأنه ليس هناك شق، ولو جاءَ شَقَّ الحِشمة أو صَدَعَ مثلاً، كان كذلك أعني لا يكون له أصلٌ في الحقيقة ولا شَبهٌ بها. ومن هذا الضرب قوله تعالى: "وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ" "سبأ:91" يُعَدُّ استعارةٌ من حيث إن التمزيق للثوب في أصل اللغة، إلا أنه على ذاك راجع إلى الحقيقة، من حيث إنه تفريق على كل حال، وليس بجنس غيره، إلاّ أنهم خصّوا ما كان مثل الثوب بالتمزيق، كما خصُّوه بالخرق، وإلا فأنت تعلم أن تمزيق الثوب تفريقُ بعضه من بعض، ومثله أن القطع إذا أطلق، فهو لإزالة الاتصال من الأجسام التي تلتزق أجزاؤها، وإذا جاء في تفريق الجماعة وإبعاد بعضه عن بعض، كقوله تعالى: "وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً" "الأعراف:861"، كان شِبْهَ الاستعارة، وإن كان المعنى في الموضعين على إزالة الاجتماع ونَفْيهِ. فإن قلت: قطع عليه كلامَهُ، أو قلت: نَقْطَع الوقت بكذا، كان نوعاً آخر، ومن الاستعارة القريبة في الحقيقة قولهم: أَثْرَى فلانٌ من المجد، وَ أفلس من المروءة، وكقوله:

إنْ كانَ أغْنَاها السلُوُّ، فإنَّنـي أَمْسَيْتُ من كَبِدِي ومِنْهَا مُعْدِمَا

وذلك أن حقيقة الإثراء من الشيء، كثرته عندك، ووصفُ الرجل بأنه كثير المجْد أو قليل المروءَة، كوصفه بأنه كثير العلم أو قليل المعرفة، في كونه حقيقة، وكذلك إذا قلت: أَثْرَى من الشوق أو الحُزْن كما قال:

قَدْ وَقَفْنَا على الدِّيارِ وفي الرَّكْ بِ خَرِيبٌ من الغَرامِ ومُثْرِي


فهو كقولك: كَثُر شَوقُه وحزنُه وغرامُه، وإذا كان كذلك، فهو في أنه نُقل إلى شيء جِنْسُه جِنْسُ الذي هو حقيقةٌ فيه، بمنزلة طار، أو أظهرُ أمراً منه، وكذا معنى أعدَم من المال، أنه خلا منه، وأن المال يزول عنه فإذا أخبر أن كَبِدَه قد ذهبت عنه، فهو في حقيقةِ مَنْ ذهب ماله وعدِمَه، والعُدْم في المال وفي غير المال بمنزلة واحدة لا تتغيَّر له فائدة، و المُعْدَم موضوع لمن عَدِم ما يحتاج إليه، فالكبد مما يحتاج إليه، وكذلك المحبوبة، فإنما تقع هذه العبارة في نفسك موقع الغريب من حيث أن العُرف جَرَى في الإعدام بأن يُطلَق على من عَدِم ما جنسُهُ جنسُ المال، ويؤنّسك بما قلتُ، أنك لو قلت: عدم كبدَه، لم يكن مجازاً، ولم تجد بينه وبين خلا من كبده وزالت عنه كبده كبيرَ فَرْقٍ، ألا تراك تقول: الفَرَسُ عَادِمٌ للطِّحَال تريد: ليس له طحال، وهذا كلام لا استعارة فيه، كما أنك لو قلت: الطحال معدوم في الفرس كان كذلك، ومن اللائق بهذا الباب البَيِّن أمرُه، ما أنشده أبو العباس في الكامل من قول الشاعر:

لم تَلقَ قَوْمَاً همُُ شَرٌّ لإخْوَتِهِمْ مِنَّا عَشِيَّةَ يَجْرِي بالدَّمِ الوادي

تَقْريِهِمُ لَهْذَمِيَّاتٍ نَقُـدُّ بـهـا ما كَانَ خاط عَلَيْهِم كُلُّ زَرَّادِ


قال: لأن الخياطة، تضمُُّ خِرَقَ القميص والسَّرْدُ يضُمُّ حَلَقَ الدِرْع، أفلا تراهُ بَيَّنَ أن جنسهما واحدٌ، وأن كلاًّ منهما ضَمٌّ ووَصْلٌ وإنما يَقَعُ الفرقُ من حيث أن الخياطة ضَمُّ أطراف الخِرقَ بِخَيْطِ يُسْلَك فيها على الوجه المعلوم، و الزَّرْدُ ضّم حَلَق الدرع بمداخلةٍ توجد بينها، إلاّ أن الشِّكال الذي يُلزِم أحدَ طرفَي الحَلْقةِ الآخرَ بدخوله في ثُقبتيهما، في صورة الخيط الذي يذهب في منافذ الإبرة، واستقصاءُ القول في هذا الضرب، والبحث عن أسراره، لا يمكن إلا بعد أن تُقَرَّر الضروب المخالفةُ له من الاستعارة، فأقْتصر منه على القدرالمذكور، وأعود إلى القسمة، ضربٌ ثانٍ يُشبه هذا الضرب الذي مضى، وإن لم يكن إياه، وذلك أن يكون الشبهُ مأخوذاً من صِفةٍ هي موجودٌ في كل واحدٍ من المستعَار له والمُستعارِ منه على الحقيقة، وذلك قولُك: رأيت شمساً، تريد إنساناً يتهلَّل وجهه كالشمس، فهذا له شَبَهٌ باستعارة طارلغيرذي الجناح وذلك أن الشبه مُراعَى في التلألؤ، وهو كما تعلم موجودٌ في نفس الإنسان المتهلل، لأنّ رَوْنقَ الوجه الحسن من حيث حسنُ البصر، مجانسٌ لضوء الأجسام النيّرة، وكذلك إذا قلت: رأيت أسداً تريد رجلاً، فالوصف الجامعُ بينهما هو الشجاعة، وهي على حقيقتها موجودة في الإنسان، وإنما يقع الفرقُ بينه وبين السَّبع الذي استعرتَ اسمه له فيها، من جهةً القُوَّة والضعفِ والزيادة والنقصان، وربما ادُّعي لبعض الكُماةِ والبُهَم مساواةُ الأسد في حقيقة الشجاعة التي عمود صورتها انتفاءُ المخافة عن القلب حتى لا تخامرَه، وتُفرِّقَ خواطرَه وتُحَلِّلَ عزيمته في الإقدام على الذي يباطشه ويريد قَهْرَه، وربما كفّ الشُّجاع عن الإقدام على العدوّ لا لخوف يملك قلبه ويَسْلُبه قواه، ولكن كما يكُفُّ المنهيُّ عن الفعل، لا تخونه في تعاطيه قوّةٌ، وذلك أن العاقل من حيث الشرع منهيٌّ عن أن يُهلك نفسه، أتَرَى أنّ البطلَ الكميَّ إذا عَدِمَ سلاحاً يقاتل به، فلم ينهَض إلى العدوّ، كان فاقداً شجاعته وبأسَه، ومتبرّئاً من النَّجْدةِ التي يُعْرَفُ بها، ثم إن الفرق بين هذا الضرب وبين الأول أن الاشتراك ها هنا في صفة توجد في جنسين مختلفين، مثلُ أنّ جنس الإنسان غير جنس الشمس، وكذلك جنسهُ غيرُ جنس الأسد، وليس كذلك الطيران و جريُ الفرس، فإنهما جنس واحد بلا شبهة، وكلاهما مُرورٌ وقطعٌ للمسافة، وإنما يقع الاختلاف بالسرعة، وحقيقة السرعة قلّة تخلُّلِ السكون للحركات، وذلك لا يوجب اختلافاً في الجنس،

فإن قلت: فإذَنْ لا فرق بين استعارة طَار للفرس وبين استعارة الشَفَة للفرس، فهّلا عددتَ هذا في القسم اللَّفْظِيّ غير المفيد? ثم إنك إن اعتذرت بأنّ في طار خصوصَ وصفٍ ليس في عَدَا و جَرَى، فكذلك في الشفة خصوصُ وصفٍ ليس في الجحفلة، فالجواب إنِّي لم أعُدَّه في ذلك القسم، لأجل أنّ خصوص الوصف الكائن في طَارَ مُرَاعًى في استعارته للفرس، ألا ترَاك لا تقوله في كل حال، بل في حالٍ مخصوصة وكذا السباحة، لأنك لا تستعيرها للفرس في كل أحوال حَرْبه، نعم، وتأبى أن تعطيَها كُلّ فرس، فالقَطُوف البليدُ لا يوصف بأنه سابح،

وأما استعارة اسمٍ لعضو نحو الشفة والأنف فلم يُراعَ فيه خصوص الوصف، ألا ترى أن العجّاج لم يرد بقوله "ومَرْسِنَاً مُسرَّجَاً"، أن يشبّه أنف المرأة بأنف نوع من الحيوان، لأن هذا العضو من غير الإنسان لا يوصف بالحسن، كما يكون ذلك في العين والجيد، وهكذا استعارة الفِرْسِن للشاة في قول عائشة رضي اللّه عنها: ولَوْ فِرْسِنَ شاةٍ، وهو للبعير في الأصل ليس لأن يشبَّه هذا العضو من الشاة به من البعير، كيف ولا شَبَه هناك، وليس إذَنْ في مجيءُ الفِرْسِن بَدَل الظِلْف أمرٌ أكثر من العضو نفسه، ضرب ثالثٌ، وهو الصَّميم الخالص من الاستعارة، وحدُّه أن يكون الشبَهُ مأخوذاً من الصُّور العقلية، وذلك كاستعارة النُّور للبيان والحجة الكاشفة عن الحق، المزِيلة للشكّ النافية للرَّيْب، كما جاء في التَّنزيل من نحو قوله عزّ وجلّ: "واتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ" "الأعراف:751" وكاستعارة الصراط للدِّين في قوله تعالى: "اهْدِنَا الصِرَاطَ المُسْتَقِيمَ" "الفاتحة:5"، و "وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" "الشورى:25" فإنك لا تشُكُّ في أنه ليس بين النور والحجة ما بين طيران الطائرو جرى الفرس من الاشتراك في عموم الجنس، لأن النور صفة من صفات الأجسام محسوسةٌ، والحجة كلامٌ وكذا ليس بينهما ما بين الرجل والأسد من الاشتراك في طبيعةٍ معلومةٍ تكون في الحيوان كالشجاعة، فليس الشبه الحاصل من النور في البيان والحجة ونحوهما، إلاّ أنّ القلب إذا وردت عليه الحجَّة صار في حالة شبيهة بحال البصر إذا صادف النور، ووُجِّهت طلائعُه نحوه، وجال في مَصَارفه وانتشر، وانبَتَّ في المسافة التي يسافر طَرْفُ الإنسان فيها، وهذا كما تعلم شَبهٌ لستَ تحصل منه على جنس ولا على طبيعة وغريزة، ولا على هيئة وصورة تدخل في الخِلقة، وإنما هو صورة عقلية. واعلم أن هذا الضرب هو المنزلةُ التي تبلغ عِندها الاستعارة غاية شرفها، ويتسع لها كيف شاءت المجال في تفنُّنها وتصرُّفها، وها هنا تَخْلُص لطيفةً روحانية، فلا يبصرها إلا ذوو الأذهان الصافية، والعقول النافذة، والطباع السليمة، والنفوس المستعدَّة لأن تَعِيَ الحكمةَ، وتعرف فَصْل الخطاب، ولَهَا ها هنا أساليبُ كثيرة، ومسالك دقيقة مختلفةٌ، والقول الذي يجري مَجْرَى القانون والقسمةِ يغمضُ فيها، إلا أنّ ما يجب أن تعلم في معنى التقسيم لها أنها على أصول أحدها: أن يؤخذ الشَّبه من الأشياء المشاهدة والمدركة بالحواسّ على الجملة للمعاني المعقولة، والثاني: أن يؤخذ الشبه من الأشياء المحسوسة لمثلها، إلا أن الشّبه مع ذلك عقليٌّ، والأصل الثالث: أن يؤخذ الشَّبه من المعقول للمعقول، فمثال ما جرى على "الأصل الأول" ما ذكرتُ لك من استعارة النور للبيان والحجّة، فهذا شَبَهٌ أُخِذ من محسوس لمعقول، ألا ترى أن النور مشاهَدٌ محسوس بالبصر، والبيانُ والحجّةُ مما يؤدّيه إليك العقل من غير واسطة من العين أو غيرها من الحواس، وذلك أن الشَّبه ينصرف إلى المفهوم من الحروف والأصوات، ومدلولُ الألفاظ هو الذي ينوِّر القلب لا الألفاظ، هذا و النور يستعار للعلم نفسه أيضاً والإيمان، وكذلك حكم الظلمة، إذا استعيرت للشُّبهة والجهل والكفر، لأنه لا شُبْهةَ في أن الشَّبهَ والشكوك من المعقول، ووجه التشبيه أن القلب يحصُل بالشبهة والجهلِ، في صفة البصر إذا قَيّده دُجَى الليل فلم يجدْ منصرَفاً وإن استعيرت للضلالة والكفر، فلأنّ صاحبهما كمن يسعى في الظلمة فيذهَب في غير الطريق، وربما دُفِع إلى هُلْك وتردَّى في أُهْوِيَّة، ومن ذلك استعارة القِسْطاس للعدل ونحو ذلك من المعاني المعقولة التي تُعْطَى غيرَها صِفةَ الاستقامة والسَّداد، كما استعاره الجاحظ في فصلٍ يذكر فيه علم الكلام، فقال: هو العِيار على كل صِنَاعة، والزِّمام على كل عبارة، والقِسْطاسُ الذي به يُسْتَبان كل شيء ورُجْحَانه والراووق الذي به ىُعْرْف صفاء كل شيء وكَدَره، وهكذا إذا قيل في النَّحو: إنه ميزان الكلام ومِعْياره، فهو أخذُ شبهٍ من شيء هو جسمٌ يُحَسُّ ويشاهَد، لمعنًى يُعْلَم ويُعْقَل ولا يدخل في الحاسّة، وذلك أظهر وأبين من أن يُحتاج فيه إلى فضل بيان، وأما تفنُّنه وسَعته وتصرُّفه من مَرْضِيٍّ ومسخوطٍ، ومقبول ومرذُول، فحقُّ الكلام فيه بعدَ أن يقع الفراغُ من تقرير الأصول، ومثال "الأصل الثاني"، وهو أخذ الشَّبه من المحسوس للمحسوس، ثم الشبهُ عَقليٌّ، قولُ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إياكم وخَضْراء الدِمَن"، الشبه مأخوذ للمرأة من النبات كما لا يخفى وكلاهما جسمٌ، إلا أنه لم يُقصَد بالتشبيه لونُ النبات وخُضرته، ولا طعمه ولا رائحته، ولا شكله وصورته ولا ما شاكل ذلك ولا ما يسمَّى طبعاً كالحرارة والبرودة المنسوبتين في العادة إلى العقاقير وغيرها مما يُسَخَّن بدن الحيوان ويَبْرُدُ بحصوله فيها، ولا شيءٌ من هذا الباب بل القصدُ شَبَهٌ عقليٌّ بين المرأة الحسناءِ في المنبت السوء، وبين تلك النابتة على الدِِّمنة، وهو حُسْنُ الظاهر في رأى العين مع فساد الباطن، وطيبُ الفَرع مع خبث الأصل، وكما أنهم إذا قالوا: هو عَسَلٌ إذا ياسرتَه، وإن عاسَرتَه فهو صَاب، كما قال:قرير الأصول، ومثال "الأصل الثاني"، وهو أخذ الشَّبه من المحسوس للمحسوس، ثم الشبهُ عَقليٌّ، قولُ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إياكم وخَضْراء الدِمَن"، الشبه مأخوذ للمرأة من النبات كما لا يخفى وكلاهما جسمٌ، إلا أنه لم يُقصَد بالتشبيه لونُ النبات وخُضرته، ولا طعمه ولا رائحته، ولا شكله وصورته ولا ما شاكل ذلك ولا ما يسمَّى طبعاً كالحرارة والبرودة المنسوبتين في العادة إلى العقاقير وغيرها مما يُسَخَّن بدن الحيوان ويَبْرُدُ بحصوله فيها، ولا شيءٌ من هذا الباب بل القصدُ شَبَهٌ عقليٌّ بين المرأة الحسناءِ في المنبت السوء، وبين تلك النابتة على الدِِّمنة، وهو حُسْنُ الظاهر في رأى العين مع فساد الباطن، وطيبُ الفَرع مع خبث الأصل، وكما أنهم إذا قالوا: هو عَسَلٌ إذا ياسرتَه، وإن عاسَرتَه فهو صَاب، كما قال:

عَسَلُ الأخلاقِ ما يَاسرتَهُ فإذا عَاسرتَ ذُقْتَ السَّلَعا

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))   أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 05 سبتمبر 2012, 5:01 pm

بارك الله فيك وفي طرحك القيم

دائما تطرحين ما هو مفيد ونافع

شكرا على المجهود الطيب والعطاء المتواصل

ولا حرمك الله الاجر والثواب

وجزاك الله الفردوس الاعلى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
????
زائر




أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))   أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 05 سبتمبر 2012, 5:18 pm

شكرا لمرورك شعبااان

باااارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اريج الجنة
شخصيات هامة
اريج الجنة


عدد المساهمات : 5330
نقاط : 7782
تاريخ التسجيل : 30/11/2011
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) 9f14e6fcb1

أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))   أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 06 سبتمبر 2012, 4:22 pm

دُمتَمْ بِهذآ الع ـطآء أإلمستَمـرٍ

يُسع ـدني أإلـرٍد على مـوٍأإضيعكًـم

وٍأإألتلـذذ بِمـآ قرٍأإتْ وٍشآهـدتْ

تـقبلـوٍ خ ـآلص احترامي

لآرٍوٍآح ـكُم أإلجمـيله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))   أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأحد 09 سبتمبر 2012, 1:50 am

شكرا لمرورك اريج

اسعدني تواجدك

بااارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسْرَارُ البَلاغة((تعريف الاستعارة))
» أسْرَارُ البَلاغة((تقسيم الاستعارة))
» أسْرَارُ البَلاغة((فصل في الفرق بين الاستعارة والتمثيل))
» أسْرَارُ البَلاغة((القول في التجنيس))
» أسْرَارُ البَلاغة((فصل ))

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: الاقسام الأدبية :: لغتنا العربية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
محمد - 2800
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
الشافعي - 1989
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
الرحال - 163
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
هايدي - 116
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
معتز - 50
أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_rcap1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Voting_bar1أسْرَارُ البَلاغة((القول في الاستعارة المفيدة)) Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More