منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحوار - ( الحوار مع الذات (1))

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Empty
مُساهمةموضوع: الحوار - ( الحوار مع الذات (1))   الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 3:31 pm

الحوار مع الذات

المقصود بالحوار مع الذات: العمل على مراجعة الإنسان لنفسه وأفكاره، والوقوف معها وقفة تأمل وتصحيح لتحديد مواطن الخلل وإصلاحها، وتحديد مواطن الصحة لتعزيزها ودعمها.
وبهذا، يعد الحوار مع الذات أحد نوعي الحوار العلمي الذي يذكي في نفس المحاور العمل على مراجعة الأفكار، وتصحيح المواقف، من خلال الاعتماد على خلجات النفوس وأحاسيسها الداخلية، مما يؤدي بالنتيجة إلى رقابة الإنسان على نفسه وأفكاره من جهة، أو من خلال محاورة الإنسان لبني جنسه الذين يلتقون معه في قدر كبير من المصالح المشتركة، الأمر الذي يعمل على تفعيل النقد الذاتي البناء مما يصـح أن يطلق عليه «حوار الأنا» أو «حوار الذات» ليكون هذا النوع من الحوار فاتحاً لآفاق واسعة من الحوار مع (الآخر)، ذلك أنه «إن لم تستطع محاورة نفسك فإنك لا تستطيع محاورة الآخرين».صل الله عليه وسلم
ويمكن لنا أن نحدد نماذج الحوار مع الذات بالأشكال التالية :
1 - المناجاة والدعاء.
2 - اللوم والمعاتبة للذات «النفس اللوامة».
3 - الحوار الداخلي «الحوار الوطني».
المناجاة والدعاء:
يحتاج الإنسان إلى مناجاة الله تعالى لإذكاء الشعور برحمته وعظمته وعنايته، وإخلاص التوجه إليه بالدعاء والاستغفار، وفي هذا يقول الله تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ)) (غافر:60)
جاء في تفسير ابن كثير أن هذا من فضله تعالى وكرمه، حيث إنه ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة( )، ويقول الله تعالى: ((قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَـٰنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ K قُلِ ٱللَّهُ يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)) (الأنعام:63-64) وفي تفسير هذه الآية يذكر سيد قطب: أنها تجربة يعرفها كل من وقع في ضيقة، أو رأى المكروبين في لحظة الضيق.. وظلمات البر والبحر كثيرة، فالمتاهة ظلام، والخطر ظلام، والغيب الذي ينتظر الخلق في البر والبحر حجاب، وحيثما وقع الناس في ظلمة لم يجدوا في أنفسهم إلا الله يدعونه متضرعين أو يناجونه صامتين( ).. ويذكر سيد طنطاوي أن لفظ الآية يدل على أنه عند حصول الشدائد يأتي الإنسان بأمور:
أحدها: الدعاء.
وثانيها: التضرع.
وثالثها: الإخلاص بالقلب وهو المراد بقوله (خفية).
ورابعها: الالتزام بالشكر.
والمقصود من ذلك أنه عند اجتماع الأسـباب الموجبة للخوف الشـديد لا يرجع الإنسان إلا إلى الله، وهذا الرجوع يحصل ظاهراً وباطناً، لأن الإنسان في هذه الحالة يعظم إخلاصه في حضرة الله وينقطع رجاؤه عمن سواه. صل الله عليه وسلم
ومن خلال هذه المعطيات يمكن لنا أن نعتبر الدعاء والمناجاة لوناً من ألوان الحوار مع الذات، حيث إن دعاء الإنسان نابع من حسن الظن بالله تعالى والثقة باستجابته، وفي ذلك يقول الله تعالى: ((ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ)) (الأعراف:55) وقد جاء في تفسير القرطبي: أن هذا أمر من الله بالدعاء، وتعبد به، ثم قرن به صفات تحسن معه وهي الخشوع والاستكانة والتضرع ومعنى خفية : أي سراً في النفس ليبعد عن الرياء، وبذلك أثنى على نبيه زكريا عليه السلام إذ قال مخبرا عنه: ((إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً)) (مريم:3)، ونحوه قول النبي صل الله عليه وسلم : «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي»صل الله عليه وسلم والشريعة مقررة أن السر فيما لم يعترض من أعمال البر أعظم أجراً من الجهر، قال الحسن بن أبي الحسن: لقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض عمل يقدرون على أن يكون سراً فيكون جهراً أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء فلا يسمع لهم صوت إن هو إلا الهمس بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول: ((ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)) (الأعراف:55)، وذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال: ((إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً)) (مريم:3). صل الله عليه وسلم
وقد ثبت ذلك أيضاً في أحاديث قدسية يرويها رسول الله صل الله عليه وسلم عن ربه: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»وفي هذا دليل على أن الدعاء حوار تعبدي نابع من ذات الإنسان وداخله، ذلك أن مبررات الدعاء ودوافعه ناتجة مما يلي:
1 - حالة الخوف من المجهول.
2 - حالة الشدة والكرب.
3 - حالة الطمع في الثواب والرزق.
4 - حالة الضعف الإنساني.
وفي جميع هذه الحالات يشعر الإنسان بالحاجة إلى مراجعة نفسه، فيعمل على الدخـول معها في حوار يمـكن أن نطلق عليه حوار الذات، أو الحوار مع الذات بحيث تكون الخلجات الداخلية والأحاسيس الذاتية دافعاً أساسياً لتكوين ذلك الحوار الذي ينتهي بالنتيجة إلى طلب العون والمساعدة والنجدة من قوة خارقة فوق قوة البشر تعينه على مساعدته وخروجه من المأزق الذي يقع فيه.
ومما يؤكد هذا المعنى أن الدعاء والمناجاة يذكي في نفس صاحبه جملة من المفاهيم التي تعمل على طمأنينته واستقراره، وهذه المفاهيم هي:
1 - إعداد النفوس من خلال إيقاظ الإيمان فيها، وإشعارها بعظمة معانيه وما يتطلبه من عبادة وصبر.
2 - الاستعانة به على مواقف الشدة والكرب من خلال الصلة بالله تعالى ومناجاته وعبادته، والقيام بها كلما حزبهم أمر أو أصابتهم مصيبة.
3 - الوعد المحتم من الله تعالى للصابرين بالتأييد والتثبيت، وعداً يؤنسهم ويشد عضدهم ويمدهم بطاقات تجدد عزائمهم وتزيدهم قوة أمام الشدائد.
وفي هذا يقول السمرقندي: يستحب للإنسان أن يدعو الله تعالى في كل وقت ويرفع إليه جميع حوائجه، فإن ذلك علامة العبودية، وإن أحب العباد إلى الله تعالى من يسأله، وأبغض العباد إلى الله تعالى من استغنى عنه، وأحب العباد إلى الناس من استغنى عنهم ولم يسألهم شيئاً، وأبغض العباد إلى الناس من يسألهم، وفي هذا يقول الشاعر:
لا تسـألن بني آدم حـاجة وسـل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
إن كل هذه المفاهيم والمعطيات التي أشرنا إليها تثبت بوضوح أن الدعاء والمناجاة يعدان بحق من أبرز أشكال حوار الإنسان مع ذاته، اعتماداً على كونها صادرة من خلجات النفوس وأحاسيس الذات.
اللوم والمعاتبة للذات «النفس اللوامة»:
النفس: هي الجوهر اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية، وسماها الحكيم الروح الحيوانية، فهي جوهر مشرق للبدن، فعند الموت ينقطع ضوؤه من ظاهر البدن وباطنه، وأما وقت النوم فينقطع ضوؤه عن ظاهره، فثبت أن القادر الحكيم دبر تعلق جوهر النفس بالبدن على ثلاثة أضرب. إن غلب ضوء النفس على جميع أجزاء البدن ظاهره وباطنه فهو اليقظة، وإن انقطع ضوؤها عن ظاهره فقط فالنوم أو بالكلية فالموت.
وقد شرح الإمام أبو حامد الغزالي النفس فقال: إنه مشترك بين معان، ويتعلق بغرضنا منه معنيان، أحدهما: المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان، وهذا الاستعمال هو الغالب على أهل التصوف، لأنهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان، فيقولون لابد من مجاهدة النفس وكسرها وإليه الإشارة بقوله صل الله عليه وسلم : «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك» ، أما المعنى الثاني: فهي حقيقة نفس الإنسان وذاته، ولكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها، فإن سكنت تحت الأمر وزايلها الاضطراب بسبب معـارضة الشـهوات سميت النفس المطمئنة، قـال تعالى في مثلها: (( يأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ ، ٱرْجِعِى إِلَىٰ رَبّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً)) (الفجر:27-28) وإذا لم يتم سكونها ولكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية ومعترضة عليها سميت النفس اللوامة، لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة مولاه، قال الله تعالى: ((وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ)) (القيامة:2) وإن تركت الاعتراض وأذعنت وأطاعت لمقتضى الشهوات ودواعي الشيطان سميت النفس الأمارة بالسوء، قال تعالى حكاية عن قصة يوسف: ((وَمَا أُبَرّىء نَفْسِى إِنَّ ٱلنَّفْسَ لامَّارَةٌ بِٱلسُّوء)) (يوسف:53)، ويجوز أن يقال: المراد بالأمارة بالسوء: هي النفس بالمعنى الأول.
ومن خلال ما تقدم، وبناء على مجمل الآيات القرآنية الواردة في النفس الإنسانية، يمكن تقسيم النفس إلى ثلاثة أقسام، هي:
1 - النفس المطمئنة: وهي التي تنورت بنور القلب حتى انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلقت بأخلاقها الحميدة.
2 - النفس اللوامة: وهي النفس المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها، وتتلفت حولها، وتتبين حقيقة هواها، وتحذر خداع ذاتها.
3 - النفس الأمارة بالسوء: وهي التي تميل إلى الطبيعة البدنية وتأمر باللذات والشهوات الحسية، وتجذب القلب إلى الجهة السفلية، فهي مأوى الشرور ومنبع الأخلاق الذميمة.
والذي يعنينا من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني الذي يمثل النفس اللوامة، فقد أقسم الله تعالى بها باعتبارها التواقة للمعالي، التي تندم على الشر: لم فعلته ؟ وعلى الخير: لِم لم تستكثر منه؟ فهي لم تزل لائمة وإن اجتهدت في الطاعة، قال الفراء: ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت على خير قالت هلا ازددت، وإن كانت على سوء قالت ليتني لم أفعل، وعلى هذا فهو مدح للنفس والقسم بها سائغ حسن.
وقد روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدماً ما يعاتب نفسه.
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا أن النفس اللوامة تعد صيغة متقدمة من صيغ نقد الذات، حيث يدخل الإنسان في حوار كبير ومتعدد الجوانب مع نفسه عندما يريد الإقدام على عمل معين في جانب الخير أو جانب الشر، ويؤكد هذا المعنى عدد من الأحاديث الواردة عن النبي صل الله عليه وسلم ، منها ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ»، ومنها ما روى النواس بن سمعان الأنصاري، قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» ومنها مارواه النبي صل الله عليه وسلم عن ربه في الحديث القدسي: «يقول الله عز وجل: يا ابن آدم إن حدثت نفسك بحسنة فلم تعملها كتبتها لك حسنة، وإن عملتها كتبتها لك عشراً، وإن هممت بسيئة فحجزك عنها هيبتي كتبتها لك حسنة وإن عملتها كتبتها سيئة واحـدة هذا».. ومـنها ما روي عَنْ وَابِصَةَ ابْنِ مَعْبَدٍ، «قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالإِثْمِ إِلا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَإِذَا عِنْدَهُ جَمْـعٌ، فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ فَقَالُوا: إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ، فَقُلْتُ: أَنَا وَابِصَةُ دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مـِنْهُ، فَقَـالَ لِي: ادْنُ يَا وَابِصَةُ، ادْنُ يَا وَابِصَةُ.. فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَه،ُ فَقَالَ: يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ أَوْ تَسْأَلُنِي؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي، قَالَ: جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ.. قُلْتُ: نَعَمْ.. فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ.. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَفْتَوْكَ».
فهذه النصوص من أحاديث النبي صل الله عليه وسلم تشير إلى أن النفس تحدث ذاتها دون أن تتكلم أو يجري على لسانها حديث: «يا ابن آدم إن حدثت نفسك بحسنة فلم تعملها كتبتها لك حسنة»، كما أنها تدخل في صراع فكري ومبدئي عندما تريد الإقدام على فعل معين فيراودها التردد وعدم الرضا عن بعض التصرفات: «الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ» وهذا يعني أن النفس الإنسانية تحاور ذاتها وتدخل معها في صراع فكري قبل أن تقدم أو تحجم عن عمل ما.
إن جميع المعطيات التي أشرنا إليها تثبت بوضوح أن خلجات النفس اللوامة وأحاسيسها واحدة من أشكال الحوار الداخـلي، الذي يعمل على تصحيح المواقف والاستزادة من الخير، وهي بالتالي صيغة من صيغ الحوار مع الذات.
الحوار الداخلي «الحوار الوطني»:
يعد هذا الشكل من الحوار الداخلي أبرز أشكال الحوار مع الذات، ذلك أن التعايش الثقافي والتساكن الحضاري هما اللذان يمهدان للحوار الذي هو من ضرورات الحياة، فالحوار بين أهل البيت الواحد الذين يتفقون في المنهج ويلتقون في المصير المشترك هو الوسيلة المثلى لتحقيق التوازن في الحياة الإنسانية.
ويكتسب الحوار في تراثنا الثقافي مكانة تدل على مجموعة من القيم والمبادئ التي هي جزء أساس من الحضارة والثقافة الإسلامية، ويؤكد هذا المعنى ما ورد في القرآن الكريم من آيات استخدمت لفظ الحوار في أكثر من مناسبة، كما في قولـه تعالى: ((وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لَصَـٰحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ)) (الكهف:34)، ((قَالَ لَهُ صَـٰحِبُهُ وَهُوَ يُحَـٰوِرُهُ)) (الكهف:37) ((قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما)) (المجادلة:1) مما يثبت أن الحوار أصل من الأصول الثابتة للحضارة العربية الإسلامية ينبع من رسالة الإسلام وهديه، ومن طبيعة ثقافته وجوهر حضارته.
لقد اقترن الحوار في مجمل النصوص الشرعية بالعقل والتشريع مما يمنحه معنى سامياً في سياق تحديد مدلوله، ذلك أن الحوار العاقل هو الذي يقوم على أساس راسخ ويهدف إلى غاية نبيلة هي القبول بمبدأ المراجعة الذي يتجاوز الرجوع عن الخطأ إلى مراجعة الموقف برمته إذا اقتضت لوازم الحقيقة هذه المراجعة وصولاً إلى جلاء الحق وتوضيح الحقيقة.
فالحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية المستندة إلى مبادئ الدين الحنيف وتعاليمه السمحاء، باعتباره تعبيراً عن أبرز سمات الشخصية الإسلامية السوية وهي سمة التسامح والمرونة في التفكير، فالحوار لا يكون إلا بالتي هي أحسن، أي أحسن الوسائل وأقوم الأساليب وأقوم الطرق.
وبهذا المعنى، فإن الحوار قوة وسلاح من أسلحة السجال الثقافي، وهو وسيلة ناجعة من وسائل الدفاع عن كيان الأمة وعقيدتها ومنهجها لغرض تبليغ رسالتها وإظهار حقيقتها وإسماع صوتها وكسب الأنصار لها، وفق الصيغة والمنهج الذي يأمر به القرآن: ((ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ)) (النحل:125).

يتبـــــــــــــــــــــــــــــع

عبد الستار إبراهيم الهيتي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
زائر
زائر




الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (1))   الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 5:47 pm



طرح جميل

بااارك الله فيك شعبااان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (1))   الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 5:50 pm

الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) 2198019781 الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) 2198019781
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (1))   الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالثلاثاء 20 ديسمبر 2011, 1:56 am

شكرا لمرورك نهاد

اسعدني تواجدك الطيب

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (1))   الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالثلاثاء 20 ديسمبر 2011, 1:57 am

شكرا لمرورك بسمة

اسعدني تواجدك الطيب

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
 
الحوار - ( الحوار مع الذات (1))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحوار - ( الحوار مع الذات (3))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (4))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (5))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (2))
» الحوار - ( الحوار مع الاخرين " حوار الحضارات" (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: الأقسام العامة :: المواضيع العامة-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
محمد - 2800
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
الشافعي - 1989
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
الرحال - 163
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
هايدي - 116
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
معتز - 50
الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (1)) Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More