منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحوار - ( الحوار مع الذات (2))

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Empty
مُساهمةموضوع: الحوار - ( الحوار مع الذات (2))   الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 3:41 pm

تابــــــــــــــــع الحوار مع الذات

وتأسيساً على ما تقدم، فإن الحوار الذي يدعو إليه الإسلام لابد أن يستند إلى الأسس والمنطلقات التالية:
1 - الاحترام المتبادل.
2 - الإنصاف والعدل.
3 - نبذ التعصب والكراهية.
ومن هنا فإن الاحترام المتبادل بين الأطراف المتحاورة هو المنطلق الأول الذي يجب أن يرتكز عليه الحوار وفقاً للتوجيهات القرآنية: ((وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)) (الأنعام:108)، وبذلك نضمن أن لا يكون الحوار ساحة للجاج العقيم والتطاول على أقدار الناس والمس بمكانتهم وتبادل الإسـاءة فيما بينهم، حتى لا يفقد الحوار صيغته الحضارية.
وإذا كان الاحترام المتبادل هو المنطلق الأول للحوار فإن الإنصاف والعدل هو المنطلق الثاني، ولنا في التوجيه القرآني قاعدة ثابتة وهداية دائمة، يقول الله تعالى: ((وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)) (المائدة:8) فالعدل هو أساس الحوار الهادف، الذي ينفع الناس ويمكث أثره في الأرض ويستدعي الاعتراف بالفضل لذويه، ويعمل على إقرار الحق حتى ولو يكن في صالح جميع الأطراف.
ومن خلال اجتماع الاحترام المتبادل والإنصاف والعدل تتوفر قاعدة ثالثة من قواعد الحوار التي تقوم عليها منطلقات الحوار وهي نبذ التعصب والكراهية، وإننا لنجد أصل هذه القاعدة في قوله تعالى: ((يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ)) (الممتحنة:8).
ولا شك أن هذا التوجيه القرآني يرقى من مستوى نبذ التعصب والكراهية إلى مقام أرفع وهو البر بالناس الذي يعني الإحسان بكل دلالاته الأخلاقية ومعاملتهم بالقسط الذي يعني العدل في الطرح والتوجيه: ((وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا )) (البقرة:83)، فالحسن هنا ليس معناه مجرد التلطف بالقول والمجاملة بالخطاب وإنما هو الحسن النافع في الدين والدنيا( ).
وما دمنا نتكلم عن نوع محدد من الحوار وهو الحوار بين أبناء الأمة الواحدة باعتباره حواراً داخلياً وصيغة من صيغ الحوار مع الذات، فإن ذلك يتطلب أن يشمل الحوار كل ما فيه مصلحة الأمة ومنفعة المجتمع الإسلامي، فلا يقتصر الحوار على موضوع دون آخر ولا يعالج مسألة دون أخرى، بل يجب أن يتسع ليتناول جميع الموضوعات ذات الصلة بحياة المجتمع، حاضراً ومستقبلاً، ويغطي كافة القضايا التي ترتبط بجميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتربوية.
إن مما لاشـك فيه أن المجتمعات الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى أن ينفتح فيها الحوار بشكل يتفق مع معطيات العصر وآفاقه الواسعة، ولن يتحقق ذلك إلا بما يلي( ):
1 - تحصين الذات من خلال إصلاح أحوال الفرد والمجتمع.
2 - استخدام لغة العصر وأسلوبه، ليكون الحوار مدخلاً إلى تحقيق التعامل مع المستجدات بقدرات أكبر وإمكانات أوفر وفرص أكثر.
وبذلك تسود روح الحوار أرجاء العالم العربي والإسلامي، ويتعمق من خلاله ما يمكن أن نطلق عليه «الحوار الوطني» داخل المجتمعات العربية والإسلامية.
إن الأمة اليوم مطالبة بفتح باب الحوار الوطني فيما بينها لتحقيق الوحدة الوطنية من جهة، ولتعزيز المواقف الإيجابية ودعمها، وتصحيح المواقف السلبية ومعالجة الأخطاء من جهة أخرى، ومن هنا ينبغي أن يهدف الحوار الوطني إلى رصد العوامل التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واحتوائه ومعالجتها بروح مخلصة وعقلية بناءة هادفة، كما أنه ينبغي أن يهدف هذا الحوار إلى تدعيم سبل الاستقرار والتنمية، لتكون تلك الحوارات بمثابة نقطة تحول وانطلاق إلى آفاق جديدة في واقعنا الاجتماعي والسياسي وفي ميادين الحياة كافة.
إن هذا النوع من الحوار الذي يمكن أن نطلق عليه «الحوار الداخلي» هو خطوة أولى نحو الحوار مع الخارج لأنه يقوي النسيج الوطني بين أفراد الأمة، ويكسب المجتمع مناعة للتعامل مع العالم المحيط بنا، ذلك أننا لا يمكن أن نفلح في الحوار مع العالم ما لم نفلح في الحوار مع أنفسنا.
وبناء على ما تقدم، فإنه ينبغي أن يشمل الحوار الداخلي كل موضوع يهم الفرد والمجتمع، سواء كان ثقافياً أو فكرياً أو سياسياً، لأن نجاح الحوار وفاعليته تكمن في شموليته واستيعابه لحاجة العامة، كما أنه يجب أن يرتكز هذا الحوار على الأسس النظرية، التي أشرنا إليها أثناء الحديث عن مقومات الحوار وقواعده وشروطه وآدابه، ذلك أن الحوار على هذا النحو الراقي يعد ضرورة من الضرورات التي تقتضيها عملية انتظام الحياة وتفرضها طبيعة التواصل البشري، فالحوار حركة مطردة وقوة دافعة وطاقة للإبداع يجب أن تعتمد على أسس متينة لضمان استمرارها وديمومتها، وقد كان للإسلام في جميع هذه الأمور رؤية واضحة وموقف مبدئي من خلال التعاليم التي تحث على التعاون من أجل كل ما فيه الخير والحق لتحقيق السعادة لجميع بني البشر.
إن المتتبع لوضع العالم الإسلامي اليوم وما يمر به من أحداث عصيبة ومتنوعة يجد أن أمام أبنائه مهاماً كبيرة لبناء الذات وتصحيح المواقف وازدهار الحياة، ولذلك فهو مدعو الآن أكثر من أي وقت آخر إلى أن يتعامل مع تلك الأحداث بعقلية مرنة وتفكير ناضج يستطيع من خلالها الانفتاح على آفاق العصر ومعطياته المتجددة، والدخول في حوارات جدية وهادفة مع جهات عديدة وعلى مستويات متنوعة ليثبت جدارته وأهليته للمساهمة في صياغة حضارة إنسانية تسود فيها قيم الخير والحق والفضيلة ويبرز فيها مبدأ التعاون والتسامح.
ويمكن لنا أن نحدد الموضوعات التي يجب أن يشملها الحوار الداخلي «الحوار مع الذات» بالمحاور التالية:
1 - الحوار بين الفرق والمذاهب الإسلامية.
2 - الحوار بين العروبة والإسلام.
3 - حوار الشعوب مع القادة والحكام.
الحوار فيما بين الفرق والمذاهب الإسلامية:
تلقت الأمة الإسلامية القرآن الكريم مكتوباً محفوظاً عن رسول الله صل الله عليه وسلم، وانتشرت رواية الحديث من قبل الصحابة والتابعين في مختلف الأمصار، ورحل العلماء يجوبون الأقطار ويدونون السنة، وكان من نتيجة ذلك أن تكونت المدارس الفقهية، وتحددت أصول ومناهج تلك المذاهـب، واختلف العلماء فيما بينهم حول بعض الأصول الشرعية وتقديم بعضها على بعض، وقد أدى الاختلاف في بعض الأصول إلى الاختلاف في الفروع الفقهية، وكثر الجدل بين علماء هذه المذاهب وعقدت المناظرات والمساجلات، وشجع على هذا كله اهتمام الخـلفاء بالعلوم، وخاصة علم الفقه، ومشـاركتهم في هـذه العلوم ورعايتهم لتـلك المناظرات والمداولات.
وقد ساعد اشتغال بعض العلماء بالفقه الافتراضي في توسيع دائرة الخلاف، ولكن الخلاف كان محكوماً بالدليل والبرهان، فقد كان العلماء في تلك الفترة يرفضون التقليد، وينظرون في الدليل، وينهون عن التعصب، ويأخذون الحق ممن جاء به.
وإذا كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من العلماء المجتهدين قد اختلفوا في العديد من المسائل الفقهية، فإن اختلافهم كان ضرورة علمية وأمراً طبيعياً اقتضاه الفهم والإدراك للنصوص والأدلة الشرعية، وليس اختلاف تقليد وتعصب، أما المقلدون من أتباع المذاهب فإن الواحد منهم يظهر له الدليل فلا يدع مذهبه.
ولم يؤد اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إلى التباغض والتفرق، فكان بعضهم يدعو لبعض، ويصلي بعضهم وراء بعض، أما هؤلاء المقلدون فقد تعادوا وتباغضوا وتركوا الصلاة خلف من يخالفهم في المذهب، وطعن أتباع المذاهب بعضهم في بعض، يقول الشيخ محمد رشيد رضا: «المتعصبون للمذاهب أبوا أن يكون الخلاف رحمة، وتشدد كل منهم في تحتيم تقليد مذهبه، وحرّم على المنتمين إليه أن يقلدوا غيره ولو لحاجة فيها مصلحتهم، وكان من طعن بعضهم في بعض ما هو معروف في كتب التاريخ وغيرها حتى صار بعض المسلمين إذا وجد في بلد يتعصب أهله لمذهب غير مذهبه ينظرون إليه نظرتهم إلى البعير الأجرب بينهم».. ويذكر الشوكاني أن بعض الذين ادعوا العلم من الزيدية كفّر رجلاً صالحاً بسبب رفع الأخير يديه في الدعاء مخالفاً لطريقة الزيدية، ويذكر أن لقب سني في اليمن في عهده كان لقب ذم لأنه استقر في أذهانهم أنه لا يطلق إلا على من يوالي معاوية ويعادي علياً، رضي الله عنهما.
وقد وصل الخلاف والخصام بين مقلدي وأتباع المذاهب إلى درجة خطيرة، فقد عادى بعضهم بعضاً، وصار يسعى بالكيد والأذى لبعضهم الآخر، وقد تسبب ذلك في حدوث الفتن الكثيرة، ويروي التاريخ لنا حوادث متعددة من هذا القبيل، فمن ذلك ما ذكره الحافظ ابن كثير أن عزيز مصر، وهو الملك الأفضل ابن صلاح الدين، كان قد عزم في السنة التي توفي فيها، وهي سنة 595هـ، على إخراج الحنابلة من بلده وأن يكتب إلى بقية إخوته بإخراجهم من البلاد.
ومنها ما ذكره أيضاً من وقوع فتنة كبيرة ببلاد خراسان بسبب وفود فخر الدين الرازي إلى ملك غزنة الذي أكرمه وبنى له مدرسة في هراة، ولكن أهل البلاد الذين كانوا على غير مذهبه أبغضوه وناظروه وانتهت المناظرة بالسب والشتم حتى أثاروا الناس عليه، فأمر الملك بإخراج الرازي من بلاده.
ومنها ما روي عن الخلاف الشديد بين الحنفية والشافعية حتى كان يؤول الأمر في بعض الأحيان إلى خراب البلاد، فقد ذكر ياقوت الحموي عند الكلام على مدينة أصفهان بعد أن ذكر مجدها القديم: «وقد فشا فيها الخراب في نواحيها لكثرة الفتن والتعصب بين الشافعية والحنفية والحروب المتصلة بين الحزبين، فكلـما ظهرت طـائفة نهبت محلة الأخرى وأحرقـتها وخربتها، ولا يأخذهم في ذلك إلاًّ ولا ذمة، وكذلك الأمر في رساتيقها وقراها».
لقد أدى التعصب المذهبي المقيت إلى زرع الخلاف والشقاق بين أبناء الأمة وتفتيت وحدتها وتقسيمها إلى أمم متخاصمة تتقاتل وتتنازع، فاستغل العدو المتربص بها هذا الانقسام والفوضى، فبسط سيطرته عليها وأمعن في إذلالها وقهرها، وكان السبب المباشر في كل هذا انعدام المنهجية الصحيحة للحـوار بين أبناء الأمة الواحدة، ذلك أن الحـوار بين الفرق والمذاهب الإسلامية لا يكاد يبدأ جدالاً بالتي هي أحسن حتى تتسلل إليه الحدة والشدة، وتستولي عليه روح الضيق بالمخالفين والمسارعة إلى اتهامهم في أفكارهم ونياتهم وأخذهم بالشـبهة وسـوء الظن، فقد تصور الكثير من العاملين في حقل البحوث الفقهية من أبناء الأمة أن الحقيقة لا يمكن أن تتعدد وجوهها اعتماداً على التفسير الحرفي للنصوص وعزلها عن سياقها المقصود وعدم ربط الأحكام بعللها وغاياتها.
إن التأمل الهادئ والتأني في التعامل مع النصوص الشرعية والجمع بينها وبين نصوص أخرى عديدة يثبت بما لا يقبل الشك الدعوة إلى النظر العقلي والاجتهاد في البحث عن الحق والصواب، مما يؤدي إلى موقف مختلف تماماً عن التنازع والشقاق، حيث يتسع صدر «الإسلام» لاختلاف الآراء وتعدد وجهات النظر ولا يضيق عن الاجتهاد حتى ولو انتهى صاحبه إلى الخطأ ومجانبة الصواب.
وبناء على ذلك: فإن أطراف الحوار حول قضايا الإسلام وأحكامه يجب عليهم أن يدركوا أن وحدة «الحقيقة» لا تنفي تعدد زواياها واختلاف العقول في تفسيرها، ومن هنا سجل التاريخ اختلاف الصحابة في أمور عديدة وردت فيها نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، كما سجل التاريخ اختلاف التابعين وتابعيهم والأئمة المجتهدين من أصحاب المذاهب من بعدهم في الكثير من المسائل الفقهية دون نزاع بينهم أو إيغار للصدور أو جرح للكرامة، فالقاعدة عندهم: «أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، والأصل الذي يسيرون عليه يثبت أن: «مذهبنا راجح يحتمل الخطأ ومذهب غيرنا مرجوح يحتمل الصواب».
إن من الضروري للحوار فيما بين المذاهب والفرق الإسلامية وضع الحدود بين ما هو «وحي» لايصح تجاوزه ولا يكون لمؤمن ولا مؤمنة بعده الخيرة من أمرهم، وبين ما هو من أمور الدنيا أو من أمور العادات بحيث يستطيع المتحاورون في شأنه أن ينطلقوا في حوارهم باحثين عما يحقق للناس مصالحهم وحاجاتهم دون أن يواجهوا عند كل منعطف بأنهم مارقون من الإسلام، أو مستخفون بأحكامه، أو هادمون لأركانه.
الحوار الديني المنضبط:
إن الحوار بين المذاهب والفرق الإسلامية اليوم إذا أردنا له النجاح في مسيرته والوصول إلى أهدافه، يجب أن يعتمد على جملة من الحقائق هي:
1 - إن تطبيق أحكام الإسلام في عصرنا يحتاج إلى اجتهاد عقلي واسع، ذلك أن النصوص الشرعية - قرآناً وسنة - محدودة ومتناهية، والحوادث متجددة غير متناهية تبعاً لحركة الزمن وتطور أنماطه، ولا بد للتشريع أن يساير حركة الزمن وتطوره ليتحقق من خلال ذلك خلود الإسلام وصلاحية شريعته لكل زمان ومكان، وقد ثبت بالنص اعتماد الاجتهاد سبيلاً للوصول إلى الحكم الشرعي عند عدم وجود النص، وذلك في حديث معاذ بن جبل، رضي الله عنه، حين ولاه النبي صل الله عليه وسلم قضاء اليمن وسأله عما يفعل إذا عرض له قضاء، وافترض عليه أموراً ربما لا يجد لها حلاً في كتاب الله وسنة رسوله، فقد أقره النبي صل الله عليه وسلم على اجتهاده وأعلن أن ذلك مسلكاً يرضى عنه الله ورسوله، فقد روي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: كَيْفَ تَقْضِي، فَقَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم، قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم. ويؤيد ذلك ما تواتر من اجتهاد النبي صل الله عليه وسلم واجتهادات الصحابة في تفسـير النصـوص عند ورودها والبحـث عن الحكم عندما لا يسعفهم النص، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صل الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
وفي هذا دليل واضح على أن النبي صل الله عليه وسلم أقر اجتهاد صحـابته الكرام ولم يعنف أحداً منهم على فهمه وإدراكه، ليكون التشريع ملبياً لمستجدات الأحداث غير المحدودة وغير المتناهية.
2 - إن الإسلام نظام حياة تدور أحكامه مع العلل، وترتبط تشريعاته بالمقاصد المنضبطة التي تدركها العقول السليمة ولا تنفصل عنها، ولو انفصلت لذهبت الرحمة وسقط العدل واستحال التكليف « فإن الشـريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسـدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشـريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشـريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صل الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها».. والقول بغير هذا يتعارض مع توجيه الشريعة في ربط الأحكام بمصالح الناس وتيسير القرآن للذكر ليعملوا به، ومن هنا فإن الإسلام الذي يجب أن نقدمه للناس هو إسلام التفكير الناضج والاجتهاد المرن الذي يبحث عن العلل والمقاصد ولا يقف عند حرفية النصوص إلا حيث يتطلب الأمر ذلك في العبادات التي لا يمكن للعقل البشري أن يغور في عللها وأحكامها.
ومن هنا يمكن للعقل البشري أن يتعامل مع الأحكام الشرعية المرتبطة بالعلل والمقاصد، بحيث يكون الحوار العلمي وسيلة لفهم النصوص الشرعية وتفسيرها والوصول إلى مراد الله تعالى منها.
3 - إن الإسلام لا يضع أتباعه في صراع مع الحياة، لأن المسلم الحق هو الذي لا يكره الناس والدنيا، ولا يقضي عمره في معركة وهمية مع طبيعتها ونواميسها، فهو يعتقد أن الحياة صنع الله تعالى الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى، وقد خلق الله له ما فيها جميعاً، ثم دعاه إلى تعميرها، كما قال تعالى: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِى ٱلارْضِ خَلِيفَةً)) (البقرة:30)، وقولـه تعالـى: ((هُوَ أَنشَأَكُمْ مّنَ ٱلاْرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)) (هود:61)، ولا يجوز أن يعيش المسلم فيها منغصاً معقداً محزوناً تملؤه الشكوك والريب والظن السيئ بالنفس وبالناس وبالحياة من حوله، وإنما عليه أن يتمثل بقول النبي صل الله عليه وسلم: «من كان هيناً ليناً سهلاً قريباً حرّمه الله على النار».
إن موقف المسلم من الحياة اليوم قضية مهمة، فلا يصح أن يعزل المسلم نفسه عن مشكلات الحياة المعاصرة، ولا يقف موقفاً انعزالياً يتسم بالهروب من الواقع والفرار من المشكلات المستجدة، بل يجب عليه أن يتفاعل معها ويعيش ظروفها بروح مرنة وعقلية ناضجة معتمدة على نور المعرفة وإشـراقات السماحة، كما يجب عليه أن يدخل في حوار علمي مع الطروحات التي يواجهها في جميع مجالات حياته.
إن الملاحظ على أتباع المذاهب والفرق الإسلامية في هذه الأيام أنهم يتعاملون بسـلبية بعضهم مع بعضهم الآخر، وهذا لاشـك موقف انهزامي لا يحل مشكلة ولا يوصل إلى نتيجة ولا يحقق هدفاً، ولذلك فإننا نوجه دعوة مخلصة إلى كل مسلم أيًّا كان مذهبه وإلى أي مدرسة فقهية ينتمي أن يوطن نفسه للحوار والمناقشة مع الأطراف الأخرى لنبدأ سوية رحلة «الحوار مع الذات» فالاخـتلاف في الرأي لا يفسـد للود قضية، ومن لا يستطيع محاورة نفسه لا يستطيع أن يحاور الآخرين، ولتكن قاعدة الحوار فيما بينهم: «مذهبنا راجح يحتمل الخطأ ومذهب غيرنا مرجوح يحتمل الصواب» وليحيا الجميع في ظل القاعدة الذهبية للاجتهاد الإسلامي التي روي مضمونها عن رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله: « إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».

يتبـــــــــــــــــــــــــــــع

عبد الستار إبراهيم الهيتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
زائر
زائر




الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (2))   الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 5:49 pm

سلسلة قيمةةةة

جزيت خيراااا شعبااان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (2))   الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالإثنين 19 ديسمبر 2011, 5:50 pm

الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) 3167419021
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (2))   الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالثلاثاء 20 ديسمبر 2011, 1:58 am

شكرا لمرورك نهاد

اسعدني تواجدك الطيب

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحوار - ( الحوار مع الذات (2))   الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالثلاثاء 20 ديسمبر 2011, 1:58 am

شكرا لمرورك بسمة

اسعدني تواجدك الطيب

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
 
الحوار - ( الحوار مع الذات (2))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحوار - ( الحوار مع الذات (1))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (3))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (4))
» الحوار - ( الحوار مع الذات (5))
» الحوار - ( الحوار مع الاخرين " حوار الحضارات" (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: الأقسام العامة :: المواضيع العامة-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
محمد - 2800
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
الشافعي - 1989
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
الرحال - 163
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
هايدي - 116
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
معتز - 50
الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_rcap1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Voting_bar1الحوار - ( الحوار مع الذات (2)) Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More