منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 مايو 2012, 2:33 pm

للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة



لقد تحوَّل نصر المؤمنين إلى هزيمة في أُحُد لمخالفة نفَر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر من أوامره دون قصد منهم، وكان الدرس أليما والعقاب قاسيا، ولذا لا نعجب لِما حل بالمسلمين في هذه الأيام العصيبة من تمزيق الشمل وذهاب الشوكة، قال تعالى: âأَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَá [آل عمران:165-166]

أي: لا ينبغي لكم أن تعجبوا مما حل بكم في هذه الواقعة، فإن خذلانكم فيها لم يبلغ مبلغ ظفركم في بدر، فقد كان نصركم في تلك الواقعة ضعف انتصار المشركين في هذه.

فلماذا نسيتم فضل الله عليكم في بدر فلم تذكروه، وأخذتم تعجبون مما أصابكم في أُحد وتسألون عن سببه.

وفائدة قوله: (قد أصبتم مثليها..) التنبيه إلى أن أمور الدنيا لا تدوم على نهج واحد فأنتم هزمتموهم مرتين، فكيف تستبعدون أن يهزموكم مرة واحدة.

وقد كان سبب تعجبهم أنهم قالوا: كيف ننصر الإسلام الذي هو الدين الحق ومعنا الرسول وهم ينصرون دين الشرك بالله، ومع ذلك ينصرون علينا؟!

وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بجوابين:

- قوله: (قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا).

- قوله: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) أي: إن هذا الذي وقع إنما وقع بشؤم معصيتكم لأنكم عصيتم الرسول في أمور كثيرة:

(ا) إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: المصلحة في البقاء في المدينة، فلا نخرج إلى أُحد، فأبيتم إلا الخروج، وكان الرأي ما رآه الرسول حتى إذا ما دخلها المشركون قاتلوهم على أفواه الأزقة والشوارع، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من سطوح المنازل.

(ب) إنكم فشلتم وضعفتم في الرأي.

(ح) إنكم تنازعتم وحصلت بينكم مهاترة كلامية.

(د) إنكم عصيتم الرسول صلى الله عليه وسلم وفارقتم المكان الذي أمركم بالوقوف فيه لحماية ظهوركم بنضح عدوكم بالنبل إذا أراد أن يكون من ورائكم.

ولا شك أن العقوبات آثار لازمة للأعمال، والله تعالى إنما وعدكم النصر بشرط ترك المعصية كما قال: âإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَá [آل عمران: 125].

(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو القادر على نصركم لو ثبتم وصبرتم، وهو القادر على التخلي عنكم إن خالفتم وعصيتم، وهو سبحانه قد ربط الأسباب بالمسببات، ولا يشذ عن ذلك مؤمن ولا كافر.. فوجود الرسول صلى الله عليه وسلم بينكم وأنتم قد خالفتم سنن الله في البشر لا يحميكم مما تقتضيه هذه السنن.

(وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) أي: وكل ما أصابكم أيها المؤمنون يوم التقى جمعكم بجمع المشركين في أُحد، فهو بإذن الله وإرادته وقضائه السابق بجعل المسببات نتائج لأسبابها؛ فكل عسكر يخطئ الرأي، ويعصي قائده، ويُخلِّي بين العدو وبين ظهره، يُصاب بمثل ما أُصبتم به، أو بما هو أشد وأنكى منه. والأمر القدري إذا نفذ، لم يبقَ إلا التسليم له، وأنه سبحانه قدَّره لحِكَم عظيمة وفوائد جسيمة.

وقد رتَّب الله تعالى الأسباب والمسببات في هذا العالم على نظام، فإذا جاءت المسببات من قِبَل أسبابها فلا عجب، والمسلمون أقل من المشركين عددا وعُددا؛ فانتصار المسلمين يومَ بدر كرامة لهم، وانهزامهم يوم أُحُد عادة وليس بإهانة.

وفي ذلك تسلية للمؤمنين، وعبرة تشرح لهم ما تقدم من قوله: âقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌá [آل عمران:137].

(وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) أي: ليظهر علم الله بحال المؤمنين من قوة الإيمان وضعفه، واستفادتهم من المصايب حتى لا يعودوا إلى أسبابها، وليعرفوا سنن الله عند ما يظهـر فيهم حكمها. [تفسير المراغي- السعدي-ابن عاشور]

والآيات في سورة آل عمران تقرر أن الهزيمة في غزوة أحد [كانت موصولة بالشيطان الذي استغل ضعف الذين تولوا بسبب مما كسبوا: âإِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌá [آل عمران:155]

كما تقرر أن الذين قاتلوا مع الأنبياء ووفوا -وهم النموذج الذي يطلب إلى المؤمنين الاقتداء به- بدأوا المعركة بالاستغفار من الذنوب: âوَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَá [آل عمران:146-148]

وفي توجيه للجماعة المسلمة يسبق نهيه لها عن الوهن والحزن في المعركة توجيهها للتطهر والاستغفار: âوَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُـونَá [آل عمران:133-135]

ومن قبل يذكر عن سبب ذلة أهل الكتاب وانكسارهم: الاعتداء والمعصية: âضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَá [آل عمران:112]

وكذلك نجد الحديث عن الخطيئة والتوبة يتخلل التعقيب على أحداث الغزوة، كما نجد الكلام عن التقوى وتصوير حالات المتقين يتخلل سياق السورة كلها بوفرة ملحوظة، ويربط بين جو السورة كلها -على اختلاف موضوعاتها- وجو المعركة. كما نجد الدعوة إلى ترك الربا، وإلى طاعة الله والرسول، وإلى العفو عن الناس، وكظم الغيظ والإحسان.. وكلها تطهير للنفس وللحياة وللأوضاع الاجتماعية. والسورة كلها وحدة متماسكة في التوجيه إلى هذا الهدف الأساسي الهام.] [في ظلال القرآن]

وقال سبحانه: âوَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ. وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَá [الصافات: 171-173]

يقول فضيلة الشيخ/ الشعراوي /: [لا ينبغي أن نبحث في هذه الجندية: أصادق هذا الجندي في الدفاع عن الإسلام أم غير صادق؟ إنما ننظر في النتائج: إنْ كانت له الغلبة فإن طاقة الإيمان فيه كانت مخلصة، وإنْ كانت الأخرى فعليه هو أن يراجع نفسه ويبحث عن معنى الانهزام الذي كان ضد الإسلام في نفسه، لأنه لو كان من جُند الله بحق لتحقق فيه: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)، ولا يُغلب جند الله إلا حين تنحل عنهم صفة من صفات الجندية.

وتأمل مثلاً ما حدث في غزوة "أُحد" حيث انهزم المسلمون؛ وإنْ كانت كلمة الهزيمة هنا ليست على سبيل التحقيق لأن المعركة كانت سجالاً، وقد انتصروا في أولها، لكن النهاية لم تكُنْ في صالحهم؛ لأن الرماة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والهزيمة بعد هذه المخالفة أمر طبيعي.

وهل كان يسرُّك أيها المسلم أنْ ينتصر المسلمون بعد مخالفتهم أمر رسولهم؟ والله لو انتصروا مع مخالفتهم لأمر رسولهم لهانَ كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها، ولقالوا: لقد خالفنا أمره وانتصرنا..! إذًا فمعنى ذلك أن المسلمين لم ينهزموا، إنما انهزمت الانهزامية فيهم، وانتصر الإسلام بصِدْق مبادئه.] [تفسير الشعراوي]

ولما كان [أمر القلوب غيب مما يستأثر الله به ولا يطلع الناس عليه، شاء سبحانه أن يكشف هذا الغيب بالصورة المناسبة للبشر وبالوسيلة التي يدركها البشر.. فكان الابتلاء للمؤمنين والإمهال للكافرين ليتكشف المخبوء في القلوب ويتميز الخبيث من الطيب، ويتبين المؤمنون بالله ورسله على وجه القطع واليقين: âوَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ . مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌá [آل عمران:176-179]

إن هذا الختام هو أنسب ختام لاستعراض الغزوة التي أصيب فيها المسلمون هذه الإصابة; والتي رجع منها المشركون بالنصر والغلبة.. فهناك دائما تلك الشبهة الكاذبة التي تحيك في بعض الصدور، أو الأمنية العاتبة التي تهمس في بعض القلوب أمام المعارك التي تنشب بين الحق والباطل، ثم يعود فيها الحق بمثل هذه الإصابة ويعود منها الباطل ذا صولة وجولة!

هناك دائما الشبهة الكاذبة أو الأمنية العاتبة: لماذا يا رب؟! لماذا يُصاب الحق وينجو الباطل؟! لماذا يُبتلَى أهل الحق وينجو أهل الباطل؟! ولماذا لا ينتصر الحق كلما التقى مع الباطل ويعود بالغلبة والغنيمة؟! أليس هو الحق الذي ينبغي أن ينتصر؟! وفيم تكون للباطل هذه الصولة؟! وفيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتيجة وفيها فتنة للقلوب وهزة؟!

ولقد وقع بالفعل أن قال المسلمون يوم أُحد في دهشة واستغراب: أنى هذا؟!

ففي هذا المقطع الختامي يجيء الجواب الأخير والبيان الأخير. ويريح الله القلوب المتعبة ويجلو كل خاطرة تتدسس إلى القلوب من هذه الناحية، ويبين سنته وقدره وتدبيره في الأمر كله: أمس واليوم وغدا.. وحيثما التقى الحق والباطل في معركة فانتهت بمثل هذه النهاية:

إن ذهاب الباطل ناجيا في معركة من المعارك، وبقاءه منتفشا فترة من الزمان ليس معناه أن الله تاركه، أو أنه من القوة بحيث لا يُغلب، أو بحيث يضر الحق ضررا باقيا قاضيا..

وإن ذهاب الحق مبتلى في معركة من المعارك وبقاءه ضعيف الحول فترة من الزمان ليس معناه أن الله مجافيه أو ناسيه! أو أنه متروك للباطل يقتله ويرديه..

كلا.. إنما هي حكمة وتدبير.. هنا وهناك.. يملي للباطل ليمضي إلى نهاية الطريق، وليرتكب أبشع الآثام، وليحمل أثقل الأوزار، ولينال أشـد العذاب باستحقاق..! ويبتلى الحق ليميز الخبيث من الطيب، ويعظم

الأجر لمن يمضي مع الابتلاء ويثبت.. فهو الكسب للحق، والخسار للباطل مضاعفا هذا وذاك! هنا وهناك!

(وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. إنه يواسي النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه الحزن الذي يساور خاطره; وهو يرى المغالين في الكفر يسارعون فيه ويمضون بعنف واندفاع وسرعة كأنما هنالك هدف منصوب لهم يسارعون إلى بلوغه!

وهو تعبير مصور لحالة نفسية واقعية.. فبعض الناس يرى مشتدا في طريق الكفر والباطل والشر والمعصية; كأنه يجهد لنيل السبق فيه! فهو يمضي في عنف واندفاع وحماسة كأن هناك من يطارده من الخلف أو من يهتف له من الإمام إلى جائزة تُنال!

وكان الحزن يساور قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسرة على هؤلاء العباد; الذين يراهم مشمرين ساعين إلى النار وهو لا يملك لهم ردا وهم لا يسمعون له نذارة! وكان الحزن يساور قلبه كذلك لما يثيره هؤلاء المشمرون إلى النار المسارعون في الكفر من الشر والأذى يصيب المسلمين ويصيب دعوة الله وسيرها بين الجماهير التي كانت تنتظر نتائج المعركة مع قريش لتختار الصف الذي تنحاز إليه في النهاية.. فلما أسلمت قريش واستسلمت دخل الناس في دين الله أفواجا.. ومما لا شك فيه أنه كان لهذه الاعتبارات وقعها في قلب الرسول الكريم. فيطمئن الله رسوله صلى الله عليه وسلم ويواسي قلبه ويمسح عنه الحزن الذي يساوره.

(وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا).. وهؤلاء العباد المهازيل لا يبلغون أن يضروا الله شيئا. والأمر في هذا لا يحتاج إلى بيان. إنما يريد الله سبحانه أن يجعل قضية العقيدة قضيته هو، وأن يجعل المعركة مع المشركين معركته هو. ويريد أن يرفع عبء هذه العقيدة وعبء هذه المعركة عن عاتق الرسول صلى الله عليه وسلم وعاتق المسلمين جملة.. فالذين يسارعون في الكفر يحاربون الله، وهم أضعف من أن يضروا الله شيئا.. وهم إذن لن يضروا دعوته. ولن يضروا حملَة هذه الدعوة مهما سارعوا في الكفر ومهما أصابوا أولياء الله بالأذى.

إذن لماذا يتركهم الله يذهبون ناجين، وينتفشون غالبين وهم أعداؤه المباشرون؟ لأنه يدبر لهم ما هو أنكى وأخزى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ)..

يريد لهم أن يستنفدوا رصيدهم كله; وأن يحملوا وزرهم كله، وأن يستحقوا عذابهم كله، وأن يمضوا مسارعين في الكفر إلى نهاية الطريق! (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)..

ولماذا يريد الله بهم هذه النهاية الفظيعة؟ لأنهم استحقوها بشرائهم الكفر بالإيمان: (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)..

ولقد كان الإيمان في متناول أيديهم. دلائله مبثوثة في صفحات الكون وفي أعماق الفطرة.. ثم إن الدعوة إلى الإيمان قائمة على لسان الرسل، وقائمة في طبيعة الدعوة وما فيها من تلبية الفطرة ومن جمال التناسق ومن صلاحية للحياة والناس..

أجل.. كان الإيمان مبذولاً لهم فباعوه واشتروا به الكفر على علم وعن بينة، ومن هنا استحقوا أن يتركهم الله يسارعون في الكفر ليستنفدوا رصيدهم كله، ولا يستبقوا لهم حظا من ثواب الآخرة. ومن هنا كذلك كانوا أضعف من أن يضروا الله شيئا.

فهم في ضلالة كاملة ليس معهم من الحق شيء. ولم ينزل الله بالضلالة سلطانا، ولم يجعل في الباطل قوة. فهم أضعف من أن يضروا أولياء الله ودعوته بهذه القوة الضئيلة الهزيلة مهما انتفشت ومهما أوقعت بالمؤمنين من أذى وقتي إلى حين!

(وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).. أشد إيلاما - بما لا يقاس - مما يملكون إيقاعه بالمؤمنين من آلام!

(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)..

وفي هذه الآية يصل السياق إلى العقدة التي تحيك في بعض الصدور والشبهة التي تجول في بعض القلوب والعتاب الذي تجيش به بعض الأرواح، وهي ترى أعداء الله وأعداء الحق متروكين لا يأخذهم العذاب، ممتعين في ظاهر الأمر بالقوة والسلطة والمال والجاه! مما يوقع الفتنة في قلوبهم وفي قلوب الناس من حولهم; ومما يجعل ضعاف الإيمان يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية; يحسبون أن الله -حاشاه- يرضى عن الباطل والشر والجحود والطغيان فيُملي له ويُرخي له العنان! أو يحسبون أن الله سبحانه لا يتدخل في المعركة بين الحق والباطل فيدع للباطل أن يحطم الحق ولا يتدخل لنصرته! أو يحسبون أن هذا الباطل حق وإلا فلم تركه الله ينمو ويكبر ويغلب؟! أو يحسبون أن من شأن الباطل أن يغلب على الحق في هذه الأرض وأن ليس من شأن الحق أن ينتصر! ثم يَدَع المبطلين الظلمة الطغاة المفسدين يَلِّجون في عُتوهم، ويسارعون في كفرهم وطغيانهم، ويظنون أن الأمر قد استقام لهم، وأن ليس هنالك من قوة تقوى على الوقوف في وجههم!!

وهذا كله وهم باطل، وظن بالله غير الحق والأمر ليس كذلك. وها هو ذا الله سبحانه وتعالى يحذر الذين كفروا أن يظنوا هذا الظن.. إنه إذا كان الله لا يأخذهم بكفرهم الذي يسارعون فيه، وإذا كان يعطيهم حظا في الدنيا يستمتعون به ويلهون فيه.. إذا كان الله يأخذهم بهذا الابتلاء فإنما هي الفتنة، وإنما هو الكيد المتين، وإنما هو الاستدراج البعيد:

(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا).. ولو كانوا يستحقون أن يخرجهم الله من غمرة النعمة بالابتلاء الموقظ لابتلاهم.. ولكنه لا يريد بهم خيرا؛ وقد اشتروا الكفر بالإيمان، وسارعوا في الكفر واجتهدوا فيه! فلم يعودوا يستحقون أن يوقظهم الله من هذه الغمرة - غمرة النعمة والسلطان - بالابتلاء!

(وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ).. والإهانة هي المقابل لما هم فيه من مقام ومكانة ونعماء.

وهكذا يتكشف أن الابتلاء من الله نعمة لا تصيب إلا من يريد الله به الخير. فإذا أصابت أولياءه فإنما تصيبهم لخير يريده الله لهم - ولو وقع الابتلاء مترتبا على تصرفات هؤلاء الأولياء - فهناك الحكمة المغيبة والتدبير

اللطيف، وفضل الله على أوليائه المؤمنين.

ولقد شاءت حكمة الله وبره بالمؤمنين أن يميزهم من المنافقين الذين اندسوا في الصفوف تحت تأثير ملابسات شتى ليست من حب الإسـلام في شيء.

فابتلاهم الله هذا الابتلاء في أُحد بسبب من تصرفاتهم وتصوراتهم ليميز الخبيث من الطيب عن هذا الطريق:

(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)..

ويقطع النص القرآني بأنه ليس من شأن الله سبحانه، وليس من مقتضى ألوهيته، وليس من فعل سنته أن يدع الصف المسلم مختلطا غير مميز; يتوارى المنافقون فيه وراء دعوى الإيمان ومظهر الإسلام؛ بينما قلوبهم خاوية من بشاشة الإيمان ومن روح الإسلام. فقد أخرج الله الأمة المسلمة لتؤدي دورا كونيا كبيرا، ولتحمل منهجا إلهيا عظيما، ولتنشئ في الأرض واقعا فريدا ونظاما جديدا.. وهذا الدور الكبير يقتضي التجرد والصفاء والتميز والتماسك، ويقتضي ألا يكون في الصف خلل ولا في بنائه دخل.. وبتعبير مختصر:

يقتضي أن تكون طبيعة هذه الأمة من العظمة بحيث تسامي عظمة الدور الذي قدره الله لها في هذه الأرض، وتسامي المكانة التي أعدها الله لها في الآخرة..

وكل هذا يقتضي أن يُصهر الصف ليخرج منه الخبث. وأن يُضغط لتتهاوى اللبنات الضعيفة. وأن تُسلط عليه الأضواء لتتكشف الدخائل والضمائر.. ومن ثم كان شأن الله سبحانه أن يميز الخبيث من الطيب، ولم يكن شأنه أن يذر المؤمنين على ما كانوا عليه قبل هذه الرجة العظيمة!

كذلك ما كان من شأن الله سبحانه أن يطلع البشر على الغيب الذي استأثر به؛ فهم ليسوا مهيئين بطبيعتهم التي فطرهم عليها للاطلاع على الغيب، وجهازهم البشري الذي أعطاه الله لهم ليس مصمما على أساس استقبال هذا الغيب إلا بمقدار. وهو مصمم هكذا بحكمة. مصمم لأداء وظيفة الخلافة في الأرض. وهي لا تحتاج للاطلاع على الغيب. ولو فتح الجهاز الإنساني على الغيب لتحطم. لأنه ليس معدا لاستقباله إلا بالمقدار الذي يصل روحه بخالقه ويصل كيانه بكيان هذا الكون. وأبسط ما يقع له حين يعلم مصائره كلها ألا يحرك يدا ولا رجلاً في عمارة الأرض، أو أن يظل قلقا مشغولاً بهذه المصائر بحيث لا تبقى فيه بقية لعمارة الأرض!

من أجل ذلك لم يكن من شأن الله سبحانه، ولا من مقتضى حكمته، ولا من مجرى سنته أن يُطلع الناس على الغيب.

إذن كيف يميز الله الخبيث من الطيب؟ وكيف يحقق شأنه وسنته في تطهير الصف المسلم وتجريده من الغبش وتمحيصه من النفاق، وإعداده للدور الكوني العظيم الذي أخرج الأمة المسلمة لتنهض به؟

(وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ).. وعن طريق الرسالة، وعن طريق الإيمان بها أو الكفر، وعن طريق جهاد الرسل في تحقيق مقتضى الرسالة، وعن طريق الابتلاء لأصحابهم في طريق الجهاد.. عن طريق هذا

كله يتم شأن الله، وتتحقق سنته، ويميز الله الخبيث من الطيب، ويمحص القلوب ويطهر النفوس..

ويكون من قدر الله ما يكون..

وهكذا يرفع الستار عن جانب من حكمة الله وهي تتحقق في الحياة.. وهكذا تستقر هذه الحقيقة على أرض صلبة مكشوفة منيرة..] [في ظلال القرآن]

متى نقضتم عهد الله سلط عليكم عدوكم:

عن ابن عمر ب قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتُليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا.. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم.. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطْر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطَروا.. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله تعالى ويتخيروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم". [رواه ابن ماجه واللفظ له، والبزار والبيهقي، وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره]

[فمتى أخلَّ المجاهد بشيء من صفات العبودية، أو تجرد عن شيء من مظاهر الإيمان، أو تلبس بفعل من أفعال المخالفين، صار مشابها للأعداء بوجه من وجوه الشبه، وتلبس بشيء من صفاتهم، وهذا يؤدي إلى شيء من الظلام والران على قلبه، ويؤدي إلى إصابته بشيءِ من الرعب والجبن والذلة والخذلان، وعند ذلك يصير راغبا في الفرار، لسكونه إلى الدنيا، وحرصه على الحياة ونحو ذلك!

وبقدر عظم المخالفة وصغرها يكون تأثير هذه الصفات الذميمة فيه، وبذلك لا ينال النصر والظفر.

ألا تتأمل قصة حنين؟ عندما قال أحد المسلمين: لن نُغلَب اليوم من قلة، وكانوا اثني عشر ألفا.. فهزمهم الله لإعجابهم بكثرتهم، وعدم شهودهم أن النصر من عند الله سبحانه..! لأن هاتين الصفتين من صفات الكفار، فلما تلبس المسلمون بهما، أثَّر ذلك في قلوبهم رعبا، نتج عنه الفرار.

قال تعالى: âلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَá [التوبة:25]

فليفهم أولو الألباب أنَّ معية النصر والتأييد خاصة بالمتقين.

وقد كان المجاهدون السابقون حذِرين من الذنوب والمعاصي، لأنهم يعلمون أثرها السيء على سير المعركة، وأنها قد تقود للهزيمة.

ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه أن أحد المسلمين زمن السلطان الظاهر بيبرس كان يجاهد غازيا على فرس له، وكان من عادة فرسه النهوض والإقدام والسير للميدان. وفي بعض الأيام طلب من فرسه الإقدام، فتأخر، فبقي كلما يضربه ليتقدم إلى العدو يتأخر، فعجب من ذلك.. ولما فكر في السبب عرف أنه كان قد اشترى لفرسه علفا بدرهم زائف! أي أنه أطعم فرسه علفا حراما، ولذلك أثَّر هذا على فرسه، فتلكأ عن السير للجهاد..!

وحكى بعضهم أن بعض عساكر المسلمين حاصروا حصنا من حصون الكفار، فاستعصى عليهم فتحه! فقال أميرهم: ما تأخر الفتح عنكم إلا لسبب، فانظروا ماذا ارتكبتم من البدع، أو تركتم من السنن؟ فنظروا، فإذا هم قد أهملوا سنة السواك!!

فانظر هذا التأثير في ترك سنة من السنن، وقِس عليه تأثير ارتكاب المحرمات، وانتهاك الحرمات، وتناول الحرام في المطعم والملبس ونحو ذلك، لتعلم من أين أُتي الذين خذلهم الشيطان، وأوقعهم في الفرار والعصيان.

واحترز أيها المجاهد من تأثير المخالفة لشرع الله في قلبك، وإضعافها لهمتك، وغلبتها على عزمك ونيتك. وطهر قلبك من لوث المخالفات، وأوقد في ظلمات وساوسه سراج اليقين والتوكل، وأقدم إقدام من يعلم أنَّ الموت لا بد من نزوله على كل حال، وأنه لا يمنع من الموت الفرار إلى مرتفعات وقمم الجبال، ولا يدفع عنه الاعتزاز بحيل الرجال.

قال تعالى: âأَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍá [النساء:78] ، ومَن قَدَّر الله أن يموت قتيلا، فلن يجد إلى غير ذلك سبيلا، قال تعالى: âقُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْá [آل عمران:154]] [مشارع الأشواق]

وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" أنه لما مات الملك العادل نور الدين ِن بعده بالمُلك لولده الصالح إسماعيل؛ وكان صغيرا، وجعل أتابكه(1) الأمير شمس الدين بن مقدم؛ فاختلف الأمراء وحادت الآراء، وظهرت الشرور، وكثرت الخمور؛ وقد كانت لا توجد في زمنه، ولا أحد يجسر أن يتعاطى شيئا منها ولا من الفواحش، وانتشرت الفواحش وظهرت؛ حتى أن ابن أخيه "سيف الدين غازي بن مودود" صاحب الموصل لما تحقق موت نو الدين؛ نادى مناديه بالبلد بالمسامحة باللعب واللهو والشراب والمسكر والطرب؛ ومع المنادي دف وقدح ومزمار الشيطان.. فإنا لله وإنا إليه راجعون..

وقد كان ابن أخيه هذا وغيره من الملوك والأمراء الذين له حكم عليهم؛ لا يستطيع أحد منهم أن يفعل شيئا من المناكر والفواحش! فلما مات مرح أمرهم، وعاثوا في الأرض فسادا.. وتحقق قول الشاعر:

[color=blue] ألا فاسقني خمرا وقل لي هيَ الخمرُ ***** ولا تسقني سرًّا وقد أمكن الجهرُ


وطمعت الأعداء من كل جانب في المسلمين، وعزم الفرنج على قصد دمشق وانتزاعها من أيدي المسلمين، فبرز إليهم ابن مقدم الأتابك فواقعهم عند "بانياس"؛ فضعف عن مقاومتهم؛ فهادنهم مدة، ودفع إليهم

أموالا جزيلة عجلها لهم..!

ولولا أنه خوَّفهم بقدوم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لما هادنوه! ولما بلغ ذلك صلاح الدين كتب إلى الأمراء وخاصة ابن مقدم؛ يلومهم على ما صنعوا من المهادنة، ودفع الأموال إلى الفرنج؛ وهم أقل وأذل! وأخبرهم أنه على عزم قصد البلاد الشامية ليحفظها من الفرنج..] ا.هـ

وإذا تأملنا في أسباب النصر المظفر للمسلمين في معركة حطين؛ نجد أن الله عز وجل قد وفق صلاح الدين لبعض الأعمال الكبيرة قبل المعركة؛ هيأ بها الأمة لحصول النصر؛ فقد كان / حريصا على تطهير المجتمع المسلم من المعاصي..

وقد انتشرت في الأمة حينذاك انحرافات سلوكية، فكانت الخمور والخمارات، وكان الفساد مستشريا، يُضعف في الأمة إيمانها، ويحقق فيها من أسباب البلاء ومن أسباب نزول سخط الله، وارتفاع رحمته، وبُعد نصره سبحانه وتعالى الشيء الكثير، فكان من جملة أعماله المباركة أن وجَّه جهوده للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإزالة أسباب الفساد، فأغلق الحانات، ومنع شرب الخمور، وعاقب المخالفين، وطهَّر المجتمع المسلم من الإعلان بالحرب على الله عز وجل من خلال المجاهرة بالمعاصي..

وقد كتب القاضي العادل إلى القاضي الفاضل إلى صلاح الدين يحثه على تطهير البلاد من الفساد: "إن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته، ولا تُفرج الشدائد إلا بالرجوع إليه، والامتثال لأمر شريعته، المعاصي في

كل مكان بادية، والمظالم في كل موضع فاشية.."

ويقول في رسالة أخرى يشخص الداء الذي في الأمة قبل أن تواجه أعداءها: "إنما أوتينا من قبل أنفسنا، ولو صدقنا لعجل الله لنا عواقب صدقنا، ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره؛ لفعل لنا ما لا نقدر عليه إلا به.." (1)

وما تسلط التتار على دولة الإسلام إلا بعد أن تم نقض عهد الله ورسوله.. فإنه لما [دخلت سنة ست وخمسين وستمائة أخذت التتار بغداد، وقتلوا أكثر أهلها حتى الخليفة، وانقضت دولة بني العباس منها.

وقد استهلت هذه السنة وجنود التتار قد نازلت بغداد، وجاءت إليهم أمداد صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة، وكل ذلك خوفا على نفسه من التتار، ومصانعة لهم قبحهم الله تعالى. وقد سترت بغداد ونصبت فيها المجانيق وغيرها من آلات الممانعة التي لا ترد من قدر الله سبحانه وتعالى شيئا، كما ورد في الأثر: "لن يغني حذر عن قدر"، وكما قال تعالى: (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ) [نوح:4] وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتُضحكه، وكانت من جملة حظاياه، وكانت مولدة تسمى عرفة، جاءهـا سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعا شديدا، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه فإذا عليه مكتوب: إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم.

فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز، وكثرت الستائر على دار الخلافة!

وقد أشار الوزير ابن العلقمي على الخليفة بالخروج إلى هولاكوخان، والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة، فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورءوس الأمراء والدولة والأعيان، فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكوخان حُجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفسا، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين، وأُنزل الباقون عن مراكبهم ونُهبت وقُتلوا عن آخرهم، وأُحضر الخليفة بين يدي هلاكو فسأله عن أشياء كثيرة، فيقال: إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت، ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خوجه نصير الدين الطوسي، والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئا كثيرا من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة، فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله.

ثم مالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار، وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطح، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومَن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي، وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم.

وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة..

وقد اختلف الناس في كمية مَن قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة، فقيل: ثمانمائة ألف، وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل: بلغت القتلى ألفي ألف نفس، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وكان الرجل يُستدعى به من دار الخلافة من بني العباس؛ فيخرج بأولاده ونسائه فيُذهب به إلى مقبرة الخلال تجاه المنظرة؛ فيُذبح كما تُذبح الشاة، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه.

وقُتل شيخ الشيوخ مؤدب الخليفة صدر الدين علي بن النيار، وقُتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد.

وأراد الوزير ابن العلقمي قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم بها وعليها، فلم يقدره الله تعالى على ذلك، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة.

ولما انقضى الأمر المقدر، وانقضت الأربعون يوما؛ بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس، والقتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام.

فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والمقابر كأنهم الموتى إذا نُبشوا من قبورهم، وقد أنكر بعضهم بعضا فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى.](1)

فيا عباد الله..

ألا فابنوا على التقوى قواعدَكم **** فما يُبْنَى على غيرِ التُّقى متداعِ


--------------------------------------------------------------------------------

(1) أتابك: لقب تركي أطلقه السلاجقة على بعض رجال البلاط والوزراء والقادة. يعني: القائد أو الحاكم العسكري.

(1) من محاضرة "تأملات في الهزائم والانتصارات" للدكتور/ علي بن عمر بادحدح

(1) البداية والنهاية (باختصار)


دُرّة اليقين في أسْباب النصْر والتمْكين

جمع وإعداد جميلة المصري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
محمد
مشرف عام محمد


عدد المساهمات : 2800
نقاط : 2930
تاريخ التسجيل : 21/11/2011

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 مايو 2012, 4:20 pm

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Eskindria.com_69
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 مايو 2012, 4:39 pm

شكرا محمد

اسعدني مرورك الرائع

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
الشافعي
شخصيات هامة



عدد المساهمات : 1989
نقاط : 2001
تاريخ التسجيل : 29/11/2011

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 مايو 2012, 9:51 pm

جزاك الله خيرا ونفع بك ..
حفظك البارئ وسدد على دروب الخير خطاك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 مايو 2012, 11:10 pm

شكرا لمرورك الشافعي

اسعدني تواجدك الطيب

وبارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
????
زائر




درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأحد 13 مايو 2012, 6:21 pm

باااارك الله فيك وجزاك الله خيرااا

بوركت جهودك العظيمة

ننتظر المزيد مما هو مفيد

تحيااااتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (أسباب النصر والتمكين أولا الإيمان الخالص)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (درجة إيمان العباد حين يستحقون النصر)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (صور النصر شتى)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (عمر بن عبد العزيز)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: أقسام العلوم الشرعية :: الاسلامي العام-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
محمد - 2800
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
الشافعي - 1989
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
الرحال - 163
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
هايدي - 116
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
معتز - 50
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)  Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More