أبو بكر الصديق رضي الله عنه - جندية الصديق الرفيعة وبكائه من الفرح

ثالثاً: جندية الصديق الرفيعة وبكائه من الفرح:

تظهر أثر التربية النبوية في جندية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فأبو بكر رضي الله عنه عندما أراد أن يهاجر إلى المدينة وقال له رسول الله صل الله عليه وسلم: (لاتعجل لعل الله يجعل لك صاحباً) فقد بدأ في الإعداد والتخطيط للهجرة (فابتاع راحلتين واحتبسهما في داره يعلفهما إعداداً لذلك) وفي رواية البخاري، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر-وهو الخبط- أربعة أشهر). لقد كان يدرك بثاقب بصره رضي الله عنه وهو الذي تربى ليكون قائداً، أن لحظة الهجرة صعبة قد تأتي فجأة ولذلك هيأ وسيلة الهجرة، ورتب تموينها، وسخر أسرته لخدمة النبي صل الله عليه وسلم ، وعندما جاء رسول الله صل الله عليه وسلم وأخبره إن الله قد أذن له في الخروج والهجرة، بكا من شدة الفرح وتقول عائشة رضي الله عنها في هذا الشأن: فوالله ماشعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، إنها قمة الفرح البشري، أن يتحول الفرح إلى بكاء مما قال الشاعر عن هذا:

ورد الكتاب من الحبيب بأنه *** سيزورني فاستعبرت اجفاني
غلب السرور عليّ حتى إنني *** من فرط ماقد سرني أبكاني
ياعين صار الدمع عندك عادة *** تبكين من فرح ومن أحزاني

فالصديق رضي الله عنه يعلم أن معنى هذه الصحبة أنه سيكون وحده برفقة رسول رب العالمين بضعة عشرة يوماً على الأقل وهو الذي سيقدم حياته لسيده وقائده وحبيبه المصطفى صل الله عليه وسلم فأي فوز في هذا الوجود يفوق هذا الفوز: أن يتفرد الصديق وحده من دون أهل الأرض ومن دون الصحب جميعاً برفقة سيد الخلق وصحبته كل هذه المدة( [61])، وتظهر معاني الحب في الله في خوف أبي بكر وهو في الغار من أن يراهما المشركون ليكون الصديق مثلاً لما ينبغي أن يكون عليه جندي الدعوة الصادق مع قائده الأمين حين يحدق به الخطر من خوف وإشفاق على حياته، فما كان أبو بكر ساعتئذ بالذي يخشى على نفسه الموت، ولو كان كذلك لما رافق رسول الله صل الله عليه وسلم في هذه الهجرة الخطيرة وهو يعلم أن أقل جزائه القتل إن أمسكه المشركون مع رسول الله صل الله عليه وسلم ، ولكنه كان يخشى على حياة الرسول الكريم صل الله عليه وسلم ، وعلى مستقبل الإسلام إن وقع الرسول صل الله عليه وسلم في قبضة المشركين( [62])، ويظهر الحس الأمني الرفيع للصديق في هجرته مع النبي صل الله عليه وسلم في مواقف كثيرة منها، حين أجاب السائل: من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فقال: هذا هادٍ يهديني السبيل، فظن السائل بأن الصديق يقصد الطريق، وإنما كان يقصد سبيل الخير وهذا يدل على حسن استخدام أبي بكر للمعاريض فراراً من الحرج أو الكذب( [63])، وفي إجابته للسائل تورية وتنفيذاً للتربية الأمنية التي تلقاها من رسول الله صل الله عليه وسلم ، لأن الهجرة كانت سراً وقد أقره الرسول صل الله عليه وسلم على ذلك( [64])

أبوبكرالصّدّيق رَضيَ اللهُ عَنْهُ

شخصيته وعصره

تأليف

الدكتور علي محمد الصَّلاَّبي

___________________________

( [61]) التربية القيادية (2/191،192).
( [62]) السيرة النبوية دروس وعبر للسباعي، ص71.
( [63]) الهجرة النبوية المباركة، ص204.
( [64]) السيرة النبوية للسباعي، ص68.

اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم تسليما ً كثيرا
جزاكم الله خيراً أخونا فى الله
جعله الله فى ميزان حسناتكم
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل

شكرا لمرورك قمر

اسعدني تواجدك وردك الجميل

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

زائر

بااااااااارك الله فيك وجزاك الله خيرا

وجعله في ميزان حسناتك

شكرا لمرورك بسمة

اسعدني تواجدك الطيب

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا ونفع بك ..
حفظك البارئ وسدد على دروب الخير خطاك

» أبو بكر الصديق رضي الله عنه - مرض أبي بكر الصديق بالمدينة في بداية الهجرة
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه - هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه - دفاعه عن النبي صل الله عليه وسلم
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه - انفاقه الأموال لتحرير المعذبين في الله
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه - ابتـــــــــلاؤه