منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Empty
مُساهمةموضوع: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأحد 27 مايو 2012, 2:05 pm

ولا تعتدوا



قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة:190]

تبدأ الآية بأمر المسلمين بقتال هؤلاء الذين قاتلوهم وما يزالون يقاتلونهم، وبقتال من يقاتلهم في أي وقت وفي أي مكان، ولكن دون اعتداء..

والعدوان يكون بتجاوز المحاربين المعتدين إلى غير المحاربين من الآمنين المسالمين الذين لا يشكلون خطرا على الدعوة الإسلامية ولا على الجماعة المسلمة، كالنساء والأطفال والشيوخ والعباد المنقطعين للعبادة من أهل كل ملة ودين.. كما يكون بتجاوز آداب القتال التي شرعها الإسلام، ووضع بها حدا للشناعات التي عرفتها حروب الجاهليات الغابرة والحاضرة على السواء.. تلك الشناعات التي ينفر منها حس الإسلام، وتأباها تقوى الإسلام.

ومن الاعتداء التمثيل بالقتلى، وقتل الحيوانات، وقطع الأشجار ونحوها، لغير مصلحة تعود للمسلمين. ومن الاعتداء، مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها، فإن ذلك لا يجوز.

وهذه طائفة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ووصايا أصحابه؛ تكشف عن طبيعة الآداب التي عرفتها البشرية أول مرة على يد الإسلام:

عن ابن عمر ب قال: وُجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. [أخرجه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه". [أخرجه الشيخان]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: إن وجدتم فلانا وفلانا (رجلين من قريش) فأحرقوهما بالنار. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: "كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما". [أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي]

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعفُّ الناسِ قِتلةً أهلُ الإيمانِ". [أخرجه أبو داود، وضعفه الألباني]

وعن عبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النُّهْبَى والـمُثلة". [أخرجه البخاري]

قال ابن بطال: الانتهاب الذى أجمع العلماء على تحريمه هو ما كانت العرب عليه من الغارات وانطلاق الأيدى على أموال الناس بالباطل، فهذه النهبة لا ينتهبها مؤمن، كما لا يسرق ولا يزنى مؤمن، يعنى مستكمل الإيمان، على هذا وقعت البيعة فى حديث عبادة رضي الله عنه فى قوله: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ننتهب. يعنى: ألا نغير على المسلمين فى أموالهم.

والمثلة هي التنكيل والتشويه، كأن تُقطع أطراف الجسد، أو تُفقأ العين، أو تجدع الأنف أو الأذن..

وعن ابن يعلى قال غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأتى بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم فقُتلوا صبرا بالنَّبل. فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر(1). فوالذي نفسي بيده، لو كانت دجاجة ما صَبَرْتُهَا. فبلغ ذلك عبد الرحمن، فأعتق أربع رقاب. [أخرجه أبو داود]

وعن الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية؛ فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي؛ فتلقاني أهل الحي بالرنين. فقلت لهم: قولوا: لا إله إلا الله تُحَرَزُوا. فقالوها. فلامني أصحابي، وقالوا: حرمتنا الغنيمة! فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه بالذي صنعت. فدعاني فحسَّن لي ما صنعت. ثم قال لي: "إن الله تعالى قد كتب لك بكل إنسان منهم كذا وكذا من الأجر". [أخرجه أبو داود]

وعن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر الأمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى، وبمن معه من المسلمين خيرا. ثم قال له: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا". [أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي]

فهذه هي الحرب التي يخوضها الإسلام، وهذه هي آدابه فيها، وهذه هي أهدافه منها.. وهي تنبثق من ذلك التوجيه القرآني الجليل:

(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

وقد كان المسلمون يعلمون أنهم لا يُنصرون بعددهم؛ فعددهم قليل. ولا يُنصرون بعدتهم وعتادهم؛ فما معهم منه أقل مما مع أعدائهم. إنما هم ينصرون بإيمانهم وطاعتهم وعون الله لهم. فإذا هم تخلوا عن توجيه الله لهم وتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تخلوا عن سبب النصر الوحيد الذي يرتكنون إليه.

ومن ثَم كانت تلك الآداب مرعية حتى مع أعدائهم الذين فتنوهم ومثلوا ببعضهم أشنع التمثيل.. ولما فار الغضب برسول صلى الله عليه وسلم الله فأمر بحرق رجلين من قريش؛ عاد فنهى عن حرقهما، لأنه لا يحرق بالنار إلا الله.

وهذه وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأسامة بن زيد وجيشه الذي أنفذه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تخونوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا، ولا تعزقوا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل، وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له.."

وكان الخلفاء يأمرون أمراء الجيوش بما كان يأمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يبدأوا أمة بقتال حتى يعرضوا عليهم الإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوهما فالقتال. وكانوا يوصونهم بما أوصى به أبو بكر رضي الله عنه أسامة حين سيره بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الإفساد في الأرض، وعدم التعدي على النساء والصبيان والشيوخ والرهبان..

فلا يُقتل زَمِن ولا أعمى ولا راهب. فالزمن والأعمى ليسا من أهل القتال، فأشبها المرأة، والراهب جاء في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "وستمرون على أقوام في الصوامع، قد حبسوا أنفسهم فيها، فدعوهم حتى يميتهم الله على ضلالهم". ولأنهم لا يقاتلون تدينا، فأشبهوا مَن لا يقدر على القتال.

ومن قاتَل من هؤلاء: النساء أو المشايخ أو الرهبان في المعركة قُتل، لا نعلم فيه خلافا، وبهذا قال الأوزاعي والثوري والليث والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقد جاء عن ابن عباس ب قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال: "مَن قتل هذه؟" قال رجل: أنا يا رسول الله! قال: "ولم؟" قال: نازعتني قائم سيفي. قال: فسكت. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على امرأة مقتولة، فقال: "ما بالُها قُتلت وهي لا تقاتل؟"

وهذا يدل على أنه إنما نهى عن قتل المرأة إذا لم تقاتل، ولأن هؤلاء إنما لم يُقتلوا لأنهم في العادة لا يقاتلون.

أرأيتم كيف يطبق رسول الله صلى الله عليه وسلم مبادئه الإنسانية وهو في الحرب..؟!

هذا -يا عباد الله- رائد حضارتنا وواضع أساسها وشريعتها، والتعبير الصادق عن أخلاقها وأهدافها ورسالتها..

ولسنا نعلم أحدا من الأنبياء والمرسلين والمصلحين عُذب واضطهد وأوذي في سبيل دعوته كما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاما في مكة.. كلها كيد وأذى وسب وتعذيب له ولجماعته، ومؤامرات على حياته وحياة أصحابه. وعشر سنوات في المدينة.. هي كفاح ومعارك متواصلة، لم يخلع فيها لباس الحرب إلا حين خضعت له جزيرة العرب قبيل وفاته! ومَن خاض الحروب وحمل السيف، وقاتل وقوتل، وعودي واضطهد، كان من أشد الناس شوقا إلى الدماء وظمأ إلى الانتقام.

فكيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه؟ كيف طبق صاحب الحضارة مبادئها التي أعلنها للناس؟..

في معركة أُحد قُتل أسد الله حمزة، عم النبي وأشهر أبطال العرب، قتله رجل يقال له وحشي، بتحريض من هند زوج أبي سفيان. ولما خر البطل، أخذت هند تفتش عن قلب حمزة حتى احتزته، ثم مضغته مبالغة في التشفي والانتقام! ثم أسلمت هند وأسلم وحشي. فماذا كان من رسول الله؟ لم يزد على أن استغفر لهند، وقبل إسلام وحشي وقال له: إن استطعت أن تعيش بعيدا عنا فافعل.

هذا كل ما كان من رسول الله مع قاتل عمه حمزة ومع ماضغة قلبه!

ولما فتح مكة ودخلها الرسول ظافرا على رأس عشرة آلاف من أبطاله وجنوده، واستسلمت قريش، ووقفت تحت قدميه على باب الكعبة، تنتظر حكم الرسول عليها بعد أن قاومته إحدى وعشرين سنة.. ما زاد صلى الله عليه وسلم على أن قال: يا معشر قريش.. ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا.. أخ كريم وابن أخ كريم. فقال: اليوم أقول لكم ما قال أخي يوسف من قبل: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء..

إنه محمد الرسول معلم الإنسانية الخير، لا القائد السفاح الذي يسعى لمجده وسلطانه فتسكره نشوة النصر:

بُعثتَ إلى المَــلا بِـــرًّا ونُعمَى **** ورُحمَى.. يا نبيَّ المَـرْحَمَـاتِ

تمنَّى الدهـرُ قبلَـك طيـفَ نـورٍ **** فكان ضيـاكَ أغلى الأمنيـاتِ

رحيـمٌ باليتـيـمـةِ والأُســارى **** رفيـقٌ بالجَهــولِ وبـالجُنَـاة

فمنكَ شـريعتي وسكونُ نفسي **** ومنـكَ هـويتي وسمــوُّ ذاتي

ولي فيـكَ اهتـــداءٌ واقتـفــاءٌ **** لأخـلاقِِ العُــلا والمَكْـرمـاتِ (1)



وسيرة أصحابه وخلفائه من بعده في حروبهم وفتوحاتهم كانت قبسا من هذا النور، وسيرا في هذا الطريق، وتنفيذا لتلك المبادئ.. لم يفقدوا أعصابهم في أشد الأوقات حرجا، ولم ينسوا مبادئهم في أعظم الفتوحات

انتصارا.. فأسروا أهل البلاد التي فتحوها بحسن خلقهم وإنسانيتهم التي لا نظير لها..

فها هم المصريون وهم يشهدون المعارك الخاطفة التي يقودها بطل الإسلام وداهية الأرض وقتذاك عمرو بن العاص؛ يعلمون أن صاحبها وجنوده يحملون في قلوبهم دعوة دينية جديدة؛ فتوقعوا أن تكون أول أعماله –إذا تم له النصر العسكري- أن يشن عليهم حملة دينية يبسط بها عقيدته في جميع مدائن الوادي وقراه.. وقد تعود المصريون قبل الفتح الإسلامي اضطهاد الحكام الديني وألفوه، وكان بطريرك الكرازة المرقسية نفسه مشردا في تلك الأيام، ومطاردا من بني دينه الأجانب لاختلاف مذهبي فرعي! فكانوا يقدِّرون أن يكون الاختلاف الكلي بين دين الحاكمين الجدد ودين البلاد المفتوحة أفدح وأسوأ عاقبة من ذلك الاختلاف المذهبي الجزئي.. ولو أن عمرًا ترك الأمور على حالها، وبقي البطريرك في الدولة الجديدة بمثل الحال التي كان عليها في زمن دولة الروم؛ لما كان في الدنيا أي مانع يمنع من ذلك، أو قوة تحول بين القائمين الجدد وبسط نظام دولتهم في كل الأمور.. وكان العرب أحرارا في ألا يعترفوا لأيٍّ كان بأي سلطان مادي أو روحي أو قضائي!

لكن الأيام ما لبثت أن تكشفت عن رفق عجيب، وتسامح كريم؛ في إزالة كل ما كان يشكوه البطريرك من اضطهاد الحكام السابقين، وأبيح له أن يتولى من طائفته كل ما له صلة بالعقيدة والدين، وحتى الفصل في الأحـوال الشخصية ترك له ولأتباعه من الأساقفة والقسس؛ عملا بالهدايـة القرآنية: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة:42]

وطرق مسامع المصريين أن الخليفة إذا ودّع القائد من قواده عندما يعقد له اللواء على جيش من هذه الجيوش التي لا تُغلب؛ يوصيه بالرفق بالشيوخ والأطفال والنساء والعجزة، وبالقسس والرهبان إذا لم يشتركوا في الحرب، ولم يكيدوا للمسلمين وجيوشهم، ولم يحرضوا عليهم أو يتدخلوا فيما لا يعنيهم.

وكان المصريون قبل أن يعرفوا دين الفاتحين يحسبونهم أعداء لأنبياء الله، أو على الأقل قليلي التقدير لهم والحرمة لدعوتهم. فلما اتصلوا بهم ووقفوا على الخطوط الأساسية في عقيدتهم وشريعتهم؛ وجدوهم أكثر تنزيها لأنبياء التوراة مما ورد عليهم في التوراة، ويبطنون المحبة والحرمة والإيمان والتعظيم للمسيح؛ وأمه الطاهرة البتول. ولا يكتفي هؤلاء الفاتحون بإجلال أنبياء التوراة وحواريي المسيح ؛، بل يتلون فوق ذلك في كتابهم السماوي قول الله عز وجل: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) [المائدة:82]

فكانت هذه الحقائق الماثلة أمام أنظار المصرييين تستل من قلوبهم السخائم(1)؛ فتمتلئ تلك القلوب محبة واحتراما لهذه الأمة الفاتحة المفطورة على الرفق والاعتدال، والشهامة والإنصاف، وإيثار الخير، والتقلب مع الحق حيثما اتجه..

إن هذا الموقف الأدبي لعمرو بن العاص وصحبه؛ عقب انتصارهم الحربي العجيب؛ يُعد الحادث الأول من نوعه في التاريخ! ومصر على الخصوص لا تعرف له نظيرا في كل ما تقدم لها من احتكاك واصطدام واتصال بالملل الأخرى؛ فقد جربت الروم والوثنيين فلقيت منهم الأمرين؛ وهي تؤرخ بأيام الشؤم التي لقيتها منهم! وجربت الفرس الذين يدينون بالمجوسية فلم تحمد هذه التجربة، وكان الروم المسيحيون لا يتسامحون ولا بيسير الاختلاف مع الاتفاق في أصل العقيدة!

أما هؤلاء المنقضون على وادي النيل من جزيرة العرب كما تنقض الصواعق؛ فإنهم أرفق وأرحم، وأحجى وأنبل من الذين تقلبوا في أحضان الحضارة من روم وفرس؛ فلم ترقق الحضارة من أفئدتهم، بل تركتها كالحجارة أو أشد قسوة!!

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين يمنع التفريق في السبي بين الوالدة وولدها، ويقول: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة". [رواه الترمذي وحسنه الألباني] (1)

ومن المواقف الرائعة في هذا المقام ما رواه القاضي ابن شداد عن السلطان الرحيم صلاح الدين الأيوبي؛ وقد جاءه بعض الجند ومعه امرأة شديدة التخوف كثيرة البكاء متواترة الدق على صدرها.. قال الجندي: إن هذه خرجت من عند الإفرنج فسألت الحضور بين يديك، وقد أتينا بها.. فأمر الترجمان أن يسألها عن قصتها، فقالت: اللصوص المسلمون دخلوا البارحة إلى خيمتي وسرقوا ابنتي وبتُّ البارحة أستغيث إلى بكرة النهار. فقيل لي: السلطان أرحم، ونحن نخرجك إليه تطلبين ابنتك منه.. فأخرجوني إليك وما أعرف ابنتي إلا منك. فرق لها ودمعت عينه وحركته مروءته، وأمر مَن ذهب إلى سوق العسكر يسأل عن الصغيرة مَن اشتراها، ويدفع له ثمنها ويحضرها. وكان قد عرف قضيتها من بكرة يومه، فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، فما كان إلا أن وقع نظرها عليها فخرت إلى الأرض تعفر وجهها في التراب؛ والناس يبكون على ما نالها، وهي ترفع طرفها إلى السماء ولا نعلم ما تقول، فسلمت ابنتها إليها، وحملت حتى أعيدت إلى عسكرهم. [النوادر السلطانية]

أروني مدَى الأيامِ عهدًا مُعطَّـرًا **** بغيرِ شذا الإسلامِ يَهمي ويَعبَـقُ


--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصبر: أن يمسك بحي ثم يُرمى بشيء حتى يموت. وأصل الصبر الحبس.

(1) من قصيدة "إمام المرسلين" للشاعر/ صالح بن علي العمري

(1) السَّخيمة والسُّخْمَة: الحقد في القلب، والجمع: سخائم، ورجل مُسَخَّم إذا كان في قلبه سخيمة.

(1) في ظلال القرآن - تيسير الكريم الرحمن – المغني – إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء – من روائع حضارتنا – مع الرعيل الأول.


دُرّة اليقين في أسْباب النصْر والتمْكين

جمع وإعداد جميلة المصري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
????
زائر




درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأحد 27 مايو 2012, 2:30 pm

باااارك الله فيك شعبااان

وجزاك الله خيرااا

دائما مواضيع مميزة ومفيدة

تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأحد 27 مايو 2012, 3:33 pm

شكرا لمرورك بسمة

اسعدني تواجدك الطيب


بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
 
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (أسباب النصر والتمكين أولا الإيمان الخالص)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (درجة إيمان العباد حين يستحقون النصر)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (صور النصر شتى)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (عمر بن عبد العزيز)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: أقسام العلوم الشرعية :: الاسلامي العام-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
محمد - 2800
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
الشافعي - 1989
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
الرحال - 163
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
هايدي - 116
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
معتز - 50
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (ولا تعتدوا)  Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More