منتديات بهجة النفوس الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي اسلامي على مذهب اهل السنة والجماعه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shaban
الإدارة
الإدارة
shaban


عدد المساهمات : 17315
نقاط : 26579
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 45

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Empty
مُساهمةموضوع: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالإثنين 11 يونيو 2012, 1:55 pm

متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك



عن سهل بن سعد الساعدي قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك". [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]

قال المناوي في فيض القدير: [(ازهد) من الزهد: الإعراض عن الشيء احتقارا، وشرعا الاقتصار على قدر الضرورة مما يتيقن حِله. وقيل: أن لا يطلب المفقود حتى يفقد الموجود.

(في الدنيا) باستصغار جملتها واحتقار جميع شأنها؛ لتحذير الله تعالى منها واحتقاره لها. فإنك إن فعلت ذلك (يحبك الله) لكونك أعرضت عما أعرض عنه ولم ينظر إليه منذ خلقه. وفي إفهامه أنك إذا أحببتَها أبغضك؛ فمحبته مع عدم محبتها؛ ولأنه سبحانه وتعالى يحب من أطاعه. ومحبته مع محبة الدنيا لا يجتمعان؛ وذلك لأن القلب بيت الرب فلا يحب أن يشرك في بيته غيره. ومحبتها الممنوعة هي إيثارها بنيل الشهوات؛ لا لفعل الخير والتقرب بها.

(وازهد فيما عند الناس) منها (يحبك الناس)؛ لأن قلوبهم مجبولة على حبها مطبوعة عليها. ومَن نازع إنسانا في محبوبه كرهه وقلاه، ومَن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه. ولهذا قال الحسن البصري: لا يزال الرجل كريما على الناس حتى يطمع في دنياهم فيستخفون به ويكرهون حديثه.

وقيل لبعض أهل البصرة: مَن سيدكم؟ قال: الحسن. قال: بم سادكم؟

قال: احتجنا لعلمه واستغنى عن دنيانا.] ا.هـ (باختصار)

قال الإمام الغزالي /: [الزهد هو انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه. واعلم أن ليس من الزهد ترك المال وبذله على سبيل السخاء والفتوة وعلى سبيل استمالة القلوب وعلى سبيل الطمع.. فذلك كله من محاسن العادات، ولكن لا مدخل لشيء منه في العبادات. وإنما الزهد أن تترك الدنيا لعلمك بحقارتها بالإضافة إلى نفاسة الآخرة. فأما كل نوع من الترك فإنه يتصور ممن لا يؤمن بالآخرة؛ فذلك قد يكون مروءة وفتوة وسخاء وحسن خلق، ولكن لا يكون زهدا؛ إذ حسن الذكر وميل القلوب من حظوظ العاجلة؛ وهي ألذ وأهنأ من المال.

بل الزاهد من أتته الدنيا راغمة صفوا عفوا، وهو قادر على التنعم بها من غير نقصان جاه وقبح اسم ولا فوات حظ للنفس؛ فتركها خوفا من أن يأنس بها، فيكون آنسا بغير الله، ومحبا لما سوى الله، ويكون مشركا في حب الله تعالى غيره.

قيل لابن المبارك: يا زاهد! فقال: الزاهد عمر بن عبد العزيز؛ إذ جاءته الدنيا راغمة فتركها، وأما أنا ففي ماذا زهدت؟

وقال ابن أبي ليلى لابن شبرمة: ألا ترى إلى ابن الحائك هذا -يعني ابا حنيفة- لا نفتي في مسألة إلا رد علينا؟! فقال ابن شبرمة: لا أدري أهو ابن الحائك أم ما هو؟ لكن اعلم أن الدنيا غدت إليه فهرب منها، وهربت منا فطلبناها!] [الإحياء]

قال ابن القيم /: [سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة. وهذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها.

وقال سفيان الثورى: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.

وقال الجنيد: سمعت سريا يقول: إن الله عز وجل سلب الدنيا عن أوليائه، وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده؛ لأنه لم يرضها لهم. وقال: الزهد في قوله تعالى: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد:23]. فالزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود، ولا يأسف منها على مفقود.

وقال ابن الجلاء: الزهد هو النظر إلى الدنيا بعين الزوال؛ فتصغر في عينك؛ فيسهل عليك الإعراض عنها.

وقال الإمام أحمد بن حنبل: الزهد على ثلاثة أوجه: الأول: ترك الحرام؛ وهو زهد العوام. والثاني: ترك الفضول من الحلال؛ وهو زهد الخواص.

والثالث: ترك ما يشغل عن الله؛ وهو زهد العارفين.

وهذا الكلام من الإمام أحمد يأتي على جميع ما تقدم من كلام المشايخ مع زيادة تفصيله وتبيين درجاته؛ وهو من أجمع الكلام. وهو يدل على أنه رضي الله عنه من هذا العلم بالمحل الأعلى، وقد شهد الشافعي / بإمامته في ثمانية أشياء؛ أحدها الزهد.

والذي أجمع عليه العارفون أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة.

وليس المراد رفضها من الملك؛ فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما ولهما من المال والملك والنساء ما لهما. وكان نبينا صلى الله عليه وسلم من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة. وكان علي بن أبي طالب وعبد الرحمن ابن عوف والزبير وعثمان y من الزهاد؛ مع ما كان لهم من الأموال. وكان الحسن بن علي رضي الله عنه من الزهاد مع أنه كان من أكثر الأمة محبة للنساء ونكاحا لهن وأغناهم. وكان عبد الله بن المبارك من الأئمة الزهاد مع مال كثير، وكذلك الليث بن سعد من أئمة الزهاد وكان له رأس مال.

ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أُصبت بها أرغب منك فيها لو لم تصبك.

فهذا من أجمع كلام في الزهد وأحسنه.

وجماع القول: إن الزهد زهد القلب لا زهد الترك من اليد وسائر الأعضاء.

فهو تخلي القلب عنها لا خلو اليد منها.](1)

فمتى كان المال في يدك وليس في قلبك لم يضرك ولو كثر. ومتى كان في قلبك ضرك ولو لم يكن في يدك منه شيء.

قيل للإمام أحمد: الرجل زاهدا ومعه ألف دينار؟ قال: نعم على شريطة ألا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت، ولهذا كان الصحابة أزهد الأمة مع ما بأيديهم من الأموال.

وقيل لسفيان الثورى: أيكون ذو المال زاهدا؟ قال: نعم إن كان إذا زيد في ماله شكر وإن نقص شكر وصبر.

فـ[الزهد في الدنيا هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهو ليس بتحريم الطيبات وتضييع الأموال، ولا بلبس المرقع من الثياب، ولا بالجلوس في البيوت وانتظار الصدقات.. ليس الزهد أن ترفض المال وأن تكون فقيرا، أو أن تكون عالةً على الناس، وأن تكون يدك هي السفلى.. ولكن الزهد أن تكسب المال، وأن تجعله بيديك لا بقلبك؛ فإن المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.

ولا شك أن العمل الحلال والكسب الحلال والنفقة الحلال عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، بشرط أن تكون الدنيا في الأيدي، ولا تكون في القلوب، وإذا كانت الدنيا في يد العبد لا في قلبه، استوى في عينه إقبالها وإدبارها؛ فلم يفرح بإقبالها، ولم يحزن على إدبارها.

ولو نظرنا إلى العشرة المبشرين بالجنة لوجدنا أن أكثرهم كانوا من أصحاب رءوس الأموال الطائلة ومن التجار، فهذا أبو بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف لو نظرنا إليهم بمنظار العصر لقيل: إنهم من أصحاب الملايين، فهل تخلف أحدهم عن غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ألهاهم التكاثر فمنعوا الإنفاق في سبيل الله؟ كلا والله ثم كلا.. هل سعوا للرئاسة والتفاخر وتزكية النفس وطلب المدح؟ لا والله ما فعلوا، بل هم أبعد الأمة عن هذه الأمور، وكانوا يجودون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ولنصرة دينه ولنصرة النبي صلى الله عليه وسلم

ولقد وعى سلفنا الصالح تلك المعاني، وقدروها حقّ قدرها، فترجموها إلى مواقف مشرفة نقل التاريخ لنا كثيرا منها، وكان حالهم ما قاله الحسن البصري:

أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا إذا أقبل، ولا يأسفون على شيء منها إذا أدبر، وكانت في أعينهم أهون من التراب.

لقد نظروا إليها بعين البصيرة، ووضعوا نُصب أعينهم قول الله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور) [فاطر:5]؛ فهانت عليهم الدنيا بكل ما فيها، واتخذوها مطية للآخرة وسبيلاً إلى الجنة.](1)

ولن يحقق جموع المسلمين اليوم هذا المقام إلا إذا حققه حكامهم؛ لأن [الناس على دين ملوكهم، فإذا استقام خليفة المسلمين وصار كالخلفاء الراشدين فإنهم كلهم يستقيمون، وإذا زهد في الدنيا يزهدون. وملاك الأمر كله هو الزهد في الدنيا وعدم التبسط فيها، ومن الأمثال القديمة: الناس على دين ملوكهم، وذكروا أن السبب في هذا المثل أن الوليد بن عبد الملك بن مروان، كان مشغوفا بتشييد البنيان، فكان الناس في زمانه ليس لهم همة إلا تشييد البنيان والقصور، وفي ذلك طول الأمل والغرور. ثم ولي بعده أخوه سليمان بن عبد الملك بن مروان، فكان مشغوفا بكثرة الأكل وتنويع الأطعمة وتكثير الألوان، فكان الناس في زمانه يتفاخرون بالتوسعة في تنويع المأكولات وينهمكون في التلذذ بالشهوات، وفي ذلك أعظم البليات. ثم ولي بعد سليمان ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان، الملحق بالخلفاء الراشدين، فكانت همته في الاشتغال بالطاعات والعدل وإقامة الدين، فكان الناس في زمنه راغبين في فعل الطاعات مستكثرين من فعل الخيرات.

فالخليفة الأعظم هو القدوة لجميع المسلمين، وأعظم شيء يقتدون به فيه؛ فيكون به صلاحهم وانتظام أمرهم واتفاق كلمتهم، هو الزهد في الدنيا والتناول منها بقدر الضرورة والحاجة وترك الفضول الذي لا يحصل إلا بتعب ولجاجة؛ فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة وبلية، والزهد فيها أصل كل خصلة سنية، ولا يكون الزهد من العامة إلا بعد زهد الخاصة؛ فإن الخاصة هم العمدة في ذلك، والمراد من الخاصة: الملوك والسلاطين والأمراء والقضاة والعلماء. وأولى مَن يُطلب منه الزهد في الدنيا الخليفة الأعظم الذي أقامه الله لإصلاح أمور الدنيا والدين، وإحياء الشريعة وقتال الكفار ودفع المفسدين.

قال الإمام الطرطوشي في "سراج الملوك": إن الخليفة إذا عدل في بيت المال، وساوى نفسه بالمسلمين في الأخذ من بيت المال بقدر الحاجة،

كان المسلمون كلهم عسكرا للإسلام.

والحاصل أنه إذا زهد في الدنيا واقتصر على قدر الحاجة والضرورة في جميع الأحوال يتبعه على ذلك الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء وجميع الناس من الرجال والنساء والأغنياء والفقراء.. فإذا حصل ذلك يسهل حينئذ إقامة الشريعة والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصير همة الجميع متوجهة لاتحاد الكلمة والاجتماع على منهج الشرع المطهر، فتحيا بذلك السنن التي أميتت، وتزول البدع التي أذيعت، ويُقبل الناس على جهاد الكفار وفعل كل الطاعات..

فإن الكفار إنما تغلبوا على المسلمين بسبب رغبة المسلمين في الدنيا واقتحامهم المعاصي لتحصيلها، وإزالتها مخالفة لأغراضهم الذين هم بصددها، فلا يمكن استقامتهم على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما داموا لم يكونوا كذلك لا يستقيم لهم أمر.

وما دام الخليفة الأعظم يتبسط في الدنيا ويأخذ من بيت المال ما أراد مما زاد عن حاجته، ويتكرم في العطاء بما شاء على من شاء، ولا يراعي في ذلك القواعد المشروعة، ولا يسلك مسلك الخلفاء الراشدين؛ فإن الناس يتبعونه فلا يمكن حصول الاستقامة لهم، ولا تتحد كلمتهم ولا ينتظم أمرهم، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بل يصيرون كلهم يطلبون الدنيا ويتلذذون بالشهوات، ويرتكبون لتحصيلها أنواع الخطيئات؛ لأن الله تعالى أجرى عادته بين العباد أن يكون الناس على دين ملوكهم، فهذا هو السبب في عدم اتحاد المسلمين واتفاق كلمتهم.

والخليفة أمين على بيت مال المسلمين لا يتصرف في شيء منه إلا بحسب المصلحة العائدة النفع على الإسلام والمسلمين، فهو مثل قيم مال اليتيم لا يتصرف إلا بالمصلحة الظاهرة، فإن كان له مال خاص به يستعفف به عن الأخذ من مال المسلمين فلا يأخذ شيئا، وإن لم يكن له مال يأخذ بقدر الحاجة، كما قال تعالى: âوَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِá [النساء:6]

فإذا فعل ذلك اقتدى به الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء وكافة الخلق؛ فتتحد قلوبهم وتجتمع كلمتهم، ويقبلون على فعل الطاعات ويعرضون عن فعل السيئات، ويتركون التلذذ بالشهوات، فيتم اجتماعهم على نصرة الدين، ويصيرون كلهم عسكرا لنصرة الإسلام، ويقوى عزمهم على قتال أعدائهم من القوم الكافرين.

وأما إذا تبسط الخليفة في مال المسلمين، وتبعه الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء، فلا تطيب قلوب بقية المسلمين ببذل أموالهم وأنفسهم وأولادهم في قتال الكافرين، حيث يرون ملوكهم لم يساووهم.

وما كان انتصار الصحابة على القوم الكافرين وفتحهم البلاد الواسعة مع الاتحاد واتفاق الكلمة، إلا بسبب مساواة أمرائهم لهم في جميع شئونهم، وما حصل افتراق الكلمة وعدم ائتلاف القلوب، إلا لما استبد الملوك بالأموال وتبسطوا فيها، وترفعوا على بقية المسلمين وأكثروا من المكوسات والظلم بأخذ أمواله، وصرفوها في غير مصارفها، فشق على المسلمين تميزهم عنهم وترفعهم عليهم بأموالهم التي أخذوها منهم بغير حق.

ولا يظنن ظان أن الخلفاء الراشدين إنما فتحوا الأمصار وانتصروا على الكفار بكثرة الصلاة والصيام، بل إنما كان ذلك بزهدهم في الدنيا وعدم تبسطهم بها وعدلهم في بيت المال، والحرص على مساواتهم للمسلمين؛ فطابت قلوب بقية المسلمين؛ فبذلوا أموالهم وأنفسهم وأولادهم وجاهدوا الكفار وفتحوا البلاد.. حتى كان الغزاة يتجهزون للغزو من أموال أنفسهم، ويجهزون منها غيرهم إن قدروا على ذلك؛ ونفوسهم طيبة بذلك، وتأبى نفوسهم أن يأخذوا من بيت المال شيئا إذا كان لهم ما يفي بذلك، لأنهم يرون أمراءهم مساوين لهم في جميع تلك الشئون.

وإذا سلك الخليفة والأمراء والعلماء هذا المسلك يرتفع عن المسلمين المكوسات والضرائب، وينتفي عنهم جور الحكام؛ لأنهم إنما يجورون عليهم ليتبسطوا في أموالهم ويتلذذوا بها، وإذا ساوى الحكام رعاياهم وعدلوا في بيت المال، تسخو نفوس الأغنياء بإعطاء الفقراء ويواسونهم، وتقنع نفوس الجميع بأقل القليل، فلا يبقى في المسلمين فقير، وينقاد الناس للحق وينصفون من أنفسهم، فتزول المخاصمات التي كانت بينهم وتقل مرافعاتهم إلى الحكام، ويحصل بينهم كمال المحبة والائتلاف، ويرتفع كل شقاق واختلاف.

وإذا عدل الخليفة في بيت المال وسلك في ترك التوسع في الدنيا طريق النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، كان قدوة للمسلمين، ويكون له من الأجر مثل أجر من عمل بمثل عمله من المسلمين، وكان سببا في اتحاد المسلمين وائتلاف قلوبهم واتفاق كلمتهم، وانتصارهم على القوم الكافرين، ويكون له في ذلك من الله الرضا والرضوان في الدنيا وجنات النعيم، وتقر بذلك عين النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بالمؤمنين رءوف رحيم.

ويستحيل أن يحصل لهم شيء من ذلك والخليفة لم يكن كذلك، لأنهم إنما يفعلون ما يفعل، وحالهم عن ذلك لا يتحول، وعدم التوسع في الدنيا هو ملاك الأمر، وليس على الخليفة في سلوك هذا الطريق مشقة ولا ضيق، ولا منع من إدراك الحق ولا تعويق، وينال بغيته من الأكل والشرب والنكاح بغاية الراحة والتلذذ. والحاصل أن استقامة الخليفة حتى يكون كالخلفاء الراشدين في عدله في بيت المال، هو السبب الأعظم في اجتماع كلمة المسلمين واتحادهم في جميع الأحوال، وعدم عدله في بيت المال سبب للافتراق في الحال والمآل، ولو صام النهار وقام الليالي الطوال، وبدون استقامة الخليفة وعدله في بيت المال كالخلفاء الراشدين لا يرجى للمسلمين فلاح، ولا يتم لهم اتحاد ولا نجاح. (1)

فيا عباد الله..

فلله دَرُّ أقوام تركوا الدنيا فأصابوا، وسمعوا منادي الله فأجابوا، وحضروا مشاهد التُّقى فما غابوا.. اعتذروا مع التحقيق ثم تابوا وأنابوا، وقصدوا باب مولاهم فما رُدوا ولا خابوا..


--------------------------------------------------------------------------------

(1) مدارج السالكين (باختصار وتصرف)

(1) فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب: محمد نصر الدين عويضة

(1) حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر



دُرّة اليقين في أسْباب النصْر والتمْكين

جمع وإعداد جميلة المصري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shmmmm.forumarabia.com
????
زائر




درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالإثنين 11 يونيو 2012, 9:21 pm

بارك الله فيك شعبااان

وجزاك الله خيرا

وكثر الله من امثالك

ونفع بك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)    درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 13 يونيو 2012, 3:28 pm

~\\~ بارك لله فيك شعبااان

وجزاك كل خير وجعله في موازين حسناتك ~\\~
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (حب الدنيا وكراهية الموت)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (تحقيق الزهد وقصر الأمل والتخفف من الدنيا)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (أسباب النصر والتمكين أولا الإيمان الخالص)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (درجة إيمان العباد حين يستحقون النصر)
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (للخطيئة أثرها في النصر والهزيمة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بهجة النفوس الاسلامية :: أقسام العلوم الشرعية :: الاسلامي العام-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» رسائل للروح
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 12 أغسطس 2020, 8:49 pm من طرف shaban

» استمع للشيخ حسن صالح صاحب الصوت الجميل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:25 pm من طرف احمد المصرى

» الرجوع الى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 30 نوفمبر 2017, 3:07 pm من طرف احمد المصرى

» هذا الطفل يقوم الليل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 24 أغسطس 2017, 2:59 am من طرف shaban

» روائع الاعجاز النفسي - من أسرار السعادة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالثلاثاء 08 أغسطس 2017, 2:09 am من طرف shaban

» الوسائل النبوية فى كسب قلوب البرية(7)
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالإثنين 07 أغسطس 2017, 10:41 pm من طرف shaban

» تفسير القران الكريم للشيخ ابو بكر الجزائرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2017, 5:37 pm من طرف احمد المصرى

» عشرة نساء لا ينساهن الرجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأحد 29 يناير 2017, 8:19 am من طرف shaban

» الالتزام بمنهج اهل السنه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:51 pm من طرف احمد المصرى

» التلاوة التى هزت أركااااان الهند (2016) شيئ يفووووق الخياااال لملك المقامات وقارئ شباب العالم الاول
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:47 pm من طرف احمد المصرى

» فديو للشيخ ابو اسحاق الحوينى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2016, 5:43 pm من طرف احمد المصرى

» لكل قاتل قتله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2016, 11:58 pm من طرف احمد المصرى

» الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:50 pm من طرف احمد المصرى

» الاعجاز فى القران الكريم
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالجمعة 14 أكتوبر 2016, 2:09 pm من طرف احمد المصرى

» لا ادرى
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 5:34 pm من طرف احمد المصرى

» الحديث الثانى من الاربعين النوويه
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 06 يناير 2016, 4:31 pm من طرف احمد المصرى

» معا لنصرة المسجد الاقصى وتحريره
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 2:46 am من طرف احمد المصرى

» تحكيم شرع الله
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:41 am من طرف احمد المصرى

»  تحكيم شرع الله عزوجل
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالثلاثاء 29 ديسمبر 2015, 11:56 pm من طرف احمد المصرى

» القدس رمز الأمة
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  I_icon_minitimeالثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 5:49 pm من طرف احمد المصرى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shaban - 17315
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
اريج الجنة - 5330
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
محمد - 2800
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
الشافعي - 1989
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
زهرة الفردوس - 281
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
الرحال - 163
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
محمد احمد غيث - 130
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
هايدي - 116
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
احمد المصرى - 61
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
معتز - 50
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_rcap1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Voting_bar1درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (متى كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك لم تضرك)  Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

.: عدد زوار المنتدى :.

ضع اميلك ليصلك كل ما هو جديد:

لا تنسى الضغط على رابط التفعيل فى بريدك لاتمام الاشتراك

منتديات بهجة النفوس الاسلامية

[جميع ما يطرح في منتديات بهجة النفوس الإسلامية لا يعبر عن رأي الإدارة بالضروري ،وإنما يعبر عن رأي الكاتب ]

للتسجيل اضغط هـنـا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More